معالي السيدة نجلا الرياشي، وزيرة التنمية الإدارية في الجمهورية اللبنانية،
السيد محمد بن عمر، مدير عام المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات،
الحضورُ الكريم،
صباحُ الخير،
وأهلاً بكم في ورشةِ العملِ حول بناءِ الثقةِ في الخدماتِ الحكوميةِ الرقمية،
التي تندرجُ ضمن مشروع ENACT الذي تنفّذُه الإسكوا لتسريع استخدام التكنولوجيا والابتكار، من أجل تعزيز العمليات في المؤسسات العامة العربية. نلتقي اليومَ في ظلِّ تقدّمٍ تكنولوجيٍ فائقٍ وأنماطِ اتصالٍ متطوّرةٍ يشهدُها عصرُنا. ونلتقي والعديدُ من دولِنا العربيةِ قد شرَعَتْ في استخدامِ التكنولوجياتِ الرقميةِ في المؤسساتِ العامة والخاصة.
هذا الأمرُ يدعو للتفاؤل. لأنّ التكنولوجيا الرقميةَ تسهمُ في زيادةِ شفافيةِ عملِ المؤسسات، وتحسينِ فعاليتِها، وتيسيرِ الوصولِ إلى خدماتِها، ولأنّ ذلك يسهمُ إسهاماً كبيراً في تعزيزِ ثقةِ المواطنينَ بالحكومة، شرطَ توفّرِ الثقة بالخدماتِ الرقميّةِ المقدّمة، ولأنّ زيادةَ الاعتمادِ على التكنولوجيا لتقديمِ الخدماتِ الحكوميةِ رقمياً كفيلٌ بالنهوضِ بالمنطقةِ العربيةِ بأسْرِها.
غير أنّ التقدّمَ الذي أحرزَتْه الدول العربية على هذا المسارِ لا يزال متفاوتاً جداً. فبحسبِ مسحِ الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية لعام 2022، الذي يصنّف 193 دولةً حول العالمِ وفق مؤشّرِ تطوّرِ الحكومةِ الإلكترونية، حلّت 14 دولة عربية في مراتب أدنى من المتوسّط العالمي. في المقابل، تصدّرت الإمارات العربية المتحدة قائمةَ الدولِ العربيةِ بحسبِ هذا المؤشّر، بحصولِها على درجة 0.90. وعالمياً، تحلّ هذه الدولة في المرتبة 13، تليها دولُ مجلسِ التعاونِ الخليجي الخمسُ الأخرى، ثمّ تونس والأردن بمرتبة أعلى من المتوسط العالمي.
السيداتُ والسادة،
صحيحٌ أنّ التكنولوجياتِ الناشئةَ تقدّمُ اليومَ حلولاً غيرَ مسبوقةٍ من أجل تطويرِ المؤسساتِ وتوفيرِ الخدماتِ الرقميةِ المتقدّمةِ القادرةِ على إحداثِ تحوّلاتٍ كبيرةٍ في المجتمع. وصحيحٌ أنّ من شأنِ توفّرِ هذه الخدماتِ واستثمارِها بالشكلِ الملائمِ أن يؤدّيَ إلى توطيدِ ثقةِ المواطنين بالحكومة. غير أنّ الاعتمادَ على التكنولوجياتِ الرقميةِ يقترنُ بتحدّياتٍ تكنولوجيةٍ، وقانونيةٍ، وتنظيميةٍ مرتبطةٍ بالأمنِ السيبراني والإجرائي.
ومن هنا أهميةُ حمايةِ البنى الأساسية الرقميةِ وشبكاتِ الاتّصال، من خلال معالجةِ المسائلِ الخاصةِ بالأمنِ السيبراني، الذي يُعتبَر العصبَ الأساسيَ للثقةِ بالفضاءِ الرقمي. كذلك، لا بدّ من الاهتمامِ بقضايا الخصوصيةِ وحمايةِ البياناتِ الشخصية، نظراً لأهمّيةِ المعلوماتِ في الخدماتِ الحكوميةِ الرقمية.
لقد أصبح اتخاذُ هذه الخطواتِ ضرورةً حتميّة. فإيصالُ الخدماتِ والمعلوماتِ رقميّاً إلى الجميع، من دونِ إهمالِ أحد، هو مبدأٌ أساسيٌ من مبادئِ تطويرِ المجتمع، والاستجابةُ لاحتياجاتِ المواطنين، في إطارٍ من الشفافيّة، ضروريةٌ لتطويرِ عملِ المؤسسات، وفقاً للهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة.
الحضور الكريم،
يسعدني حضور هذا الجمع المتنوّع من المسؤولين الحكوميين، وراسمي السياسات، والخبراء الأكاديميين والتكنولوجيين، والممثلين عن المجتمع المدني في هذه الورشة. معَكم، أتطلّعُ إلى تحديد أهمِّ الإجراءاتِ الاستراتيجية، وإلى تبادُلِ أفضلِ الممارساتِ العالميّة والعربيّة، وبيانِ أهمّ التدابير العمليّة والحلول المبتكرة، من أجل تطويرِ المشهدِ الحكومي الرقمي في منطقتِنا، بحيث يكونُ أكثرَ شفافيةً وكفاءة، وبحيث يعزّز الثقة بين الحكومة والمواطنين.
فمن خلالِ بناءِ الثقةِ في الخدماتِ الحكوميةِ الرقمية، نحن نعزّز الثقةَ في التزامِ الحكوماتِ بتحقيقِ مستقبلٍ أفضلٍ للجميع. والمقياسُ الحقيقيُ لنجاحِنا هو التغييرُ الإيجابيُ الذي نحقّقه في حياةِ الأفرادِ في المنطقةِ العربية. ولتحقيقِ هذا التغيير، تضعُ الإسكوا يدَها في يدِ الدول الأعضاء. فهي تقدّمُ لها خدماتٍ استشاريةً في مجالِ وضعِ السياسات، وتعملُ على بناءِ قدراتِها في مجالِ التحوّلِ الرقميِّ والأمنِ السيبراني واستثمارِ التكنولوجياتِ الناشئةِ في تحقيقِ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعية.
كما تقدّم الإسكوا أدواتٍ لراسمي السياسات، من أجل تقييمِ التقدّمِ على مسارِ التحوّلِ الرقميِ واستخدامِ الخدماتِ الحكوميةِ الرقمية، ومن أهمِّها مؤشّرُ نضوجِ الخدمات الحكومية الرقمية والنقالة (GEMS).
ختاماً،
لا يفوتُني أن أشكرَ شركاءَنا في إعدادِ وتنظيمِ ورشةِ العمل. وأخصّ بالشكر شركاءَنا في المنظمة العربية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وجمعية الإنترنت، والاتحاد الدولي للاتصالات، الذين بذلوا جهوداً دؤوبةً لضمانِ نجاحِ ورشتِنا. وأتطلّع إلى أن نتوصّلَ معاً، في ختامِ هذا اللقاء، إلى توصياتٍ عمليّةٍ تسهمُ فعليّاً في تشكيلِ المستقبلِ الرقميِ لمنطقتنا.
وشكراً.