Speech

1 Jun 2023

اقتراح قانون لترتيبات العمل المرن خطوة لتخفيف أعباء الرعاية وتعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة في لبنان

By Rola Dashti

معالي رئيس مجلس النواب اللبناني الأستاذ نبيه بري، ممثّلاً برئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية الدكتورة عناية عزالدين،

معالي وزير العمل اللبناني السيد مصطفى بيرم،

سعادة النواب والنائبات الأعزاء،

سعادة السفراء والسفيرات  الكرام،

السيدات والسادة،

 

"بدِك مية سنة لتوصلي"...

عبارة تسمعها النساء في منطقتنا،

وللأسف تحاكي واقعَهنّ.

فتقديرات الإسكوا تشير إلى أن النساء في المنطقة العربية يحتجن إلى حوالي 50 سنة للوصول إلى المعدل العالمي لمشاركة المرأة في القوى العاملة.

ويحتجن إلى 93 سنة تقريباً كي تصل مشاركتهنّ إلى المعدل العالمي لمشاركة الرجال في القوى العاملة.

ويحتجن إلى نحو 95 سنة لتحقيق المساواة مع معدلات مشاركة الرجال في القوى العاملة في المنطقة.

هذه التقديرات تدلّ على عجز يجدر بنا استدراكه،

ليس فقط لتحقيق المساواة بين الجنسين، وإنما أيضاً لتحقيق النمو الاقتصادي والرخاء.

ولقاؤنا اليوم هو لتثمين خطوة قيّمة باتجاه تعزيز نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة في لبنان، تتمثل باقتراح قانون لتعديل أحكام قانون العمل ليشمل ترتيبات العمل المرن، تقدّمت به رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية الدكتورة عناية عزالدين.

خطوات كهذه تسمح بتسريع عجلة تحقيق المساواة في المشاركة الاقتصادية للمرأة ...

"حتى يبطّل بدا مية سنة".

ولقاؤنا أيضاً هو لإطلاق مرحلة جديدة من التشاور والنقاشات التي نأمل أن تفضي إلى إقرار القانون والعمل به. وهذا القانون بات ضرورة.

فقد بلغت في لبنان نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة حوالي 28 في المائة عام 2022 مقارنةً بنسبة 67 في المائة للرجال، أي أنّ أربع نساء فقط يشاركن في القوى العاملة مقابل كل عشرة رجال.

ويعود ذلك إلى عوائق متعددة، قد يكون أهمها انشغال المرأة بالقيام بأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر،

حيث أن المرأة هي المقدّم الأساسي للرعاية للأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى تولّيها الجزء الأكبر من الأعمال المنزلية.

ففي منطقتنا تكرّس المرأة حوالي 5  مرات من وقتها أكثر من الرجال على أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر. ويفرض تحمّل القسط الأكبر من أعمال الرعاية على النساء خياراتهن العملية ويحكم مساراتهنّ المهنية، فبعضهنّ يتجهن إلى القطاعات حيث ساعات العمل ومتطلباته تسمح لهنّ بتحمل مسؤوليات الرعاية. وبعضهنّ يلجأن إلى إنشاء أعمال صغيرة أو متناهية الصغر تؤمّن لهنّ مرونة في العمل. ولكن للأسف، عمر تلك المشاريع قد لا يتعدى العام الواحد، وبعضهنّ يفضّلن العمل من المنزل. والثابت هو أنّ معظمهنّ يبقين في القطاع غير النظامي، ويصبحن غير مشمولات بالحماية الاجتماعية، ما يسهم في جعلهنّ عرضة لانتهاك حقوقهنّ بالعمل اللائق.

ولاقتراح قانون ترتيبات العمل المرن أهمية كبرى أيضاً، إذ إنه يسمح بدفع عجلة الاقتصاد، فهو يسهّل إعادة توزيع المسؤوليات الأسرية لجهة تخفيف أعباء الرعاية عن كاهل المرأة، وتشجيع انخراطها في سوق العمل، الأمر الذي يزيد إنتاجيتها، وبالتالي يحسّن دخل الأسرة ويرفد الاقتصاد الوطني ويحول دون أن "ننتظر مية سنة" كي نجني ثمار مشاركة المرأة في الاقتصاد.

الحضور الكريم،

تعمل الإسكوا لتمكين المرأة اقتصادياً، بهدف تحقيق المساواة بين الجنسين في المنطقة العربية. ويستحوذ قطاع الرعاية قسطاً من اهتمامنا في لبنان والمنطقة. وقد أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريناها مع بعض العائلات في لبنان أن المرأة تقوم بـ94 في المائة من مسؤوليات رعاية الأطفال، وأن حوالي 56 في المائة من العاطلات عن العمل يعزين السبب إلى مسؤولية رعاية الأطفال.

كما أفاد 75 في الماية من الأهل أنهم يتوقفون عن العمل لرعاية أطفالهم بأنفسهم عندما يمرضون من خلال إجازات إما مدفوعة أم غير مدفوعة الأجر.جهودنا حول التمكين الاقتصادي للمرأة و حالة رعاية الأطفال في لبنان أكّدت ضرورة إعداد وإقرار رزمة من النصوص القانونية الناظمة للعديد من الجوانب المرتبطة بقطاع الرعاية، وقد احتلّ الجانب المرتبط بقانون العمل الأولوية.

فقد برزت الحاجة إلى تعديل هذا الأخير كي يشمل ترتيبات العمل المرن بما يتيح للمرأة خيار الملاءمة بين مسؤولياتها الرعائية وحقها بالمشاركة في سوق العمل وفق أنماط تتناسب وظروفها الخاصة، ويسهم في توزيع أكثر عدالة لأعباء الرعاية بينها والرجل، مع توسيع سقف الحماية الواجب توفيرها لآلاف العاملين والعاملات ضمن أشكال العمل الحديث.

وقد لاقت هذه الخلاصات والتوصيات اهتمام رئيسة لجنة المرأة والطفل، الدكتورة عناية عز الدين التي تعاونّا معها لتنفيذ دراسة قانونية أظهرت نتائجها قصور المنظومة القانونية الخاصة بالعمل في لبنان، بصيغتها الراهنة، عن استيعاب أنواع وأشكال العمل المرن.

وقد شكّلت توصيات هذه الدراسة القانونية أساساً لاقتراح تقدّمت به الدكتورة عزالدين بتاريخ 8 آذار 2023، تزامناً مع يوم المرأة العالمي، لإدراج ترتيبات العمل المرن ضمن قانون العمل اللبناني.

ختاماً،

ننظر بكثير من الإيجابية إلى اقتراح القانون الذي سيتم عرضه اليوم بموازاة عرض نتائج الدراسة القانونية، شاكرين لدولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري اهتمامه ومثمّنين جهود الدكتورة عناية عزالدين، داعين إلى حشد الجهود لاستكمال المسيرة لإقراره، ذلك أنّ القوانين تبقى السقف الضامن للحقوق والحريات والحماية الاجتماعية الواجب توفيرها للنهوض باقتصاد المجتمعات وتحقيق ازدهارها.

دعونا نتكاتف ونعمل جميعاً... "حتى ما يضل بدا مية سنة".

arrow-up icon
Feedback