خطابات

11 آذار/مارس 2021

اليوم العالمي للمرأة

كلمة د. رولا دشتي

الأمينة التنفيذية للإسكوا

 

في اليوم العالمي للمرأة

11 آذار/ مارس 2021

 

حضرةَ السيدات العزيزات،

حضرةَ السادة الأعزّاء،

صباحُ الخير.

 

               بدايةً، اسمحوا لي أن أشكر المرأة العربية، وأشكركنّ، على عطائكنّ اللامحدود من أجل صون كرامة وحقوق كل رجلٍ وامرأة، وجعل بلداننا أكثر أماناً واستقراراً ولا تهمل أحداً.

 

               بدايةً، لا يسَعُني إلاّ أن أتوجّه بالشكر لكلّ امرأةٍ عربية على عطائها اللامحدود من أجل صْون كرامة وحقوق كل إنسان، وجعل بلداننا أكثر أماناً واستقراراً ولا تهمل أحداً.

 

أرحّب بكنّ وبكم في اليوم العالمي للمرأة، الذي يَحُلّ هذا العام في ظروفٍ استثنائية تعيشها المنطقة العربية، والعالم، بفعلِ جائحة كوفيد-19.

 

فالجائحة  ليست وباءً صحياً فحسب، بل كارثة تنموية كلّفت العالم لغاية الآن حوالي  19 ترليون دولار من سياسات تحفيزية؛ وأدت إلى تراجع الاقتصاد العالمي بـ 6 في المائة؛ وزادت الفقر والبطالة؛ وحدّت من الوصول إلى التعليم؛ وفاقمت الأعباء الملقاة على النساء والفتيات؛ وأجّجت العنف الأسري، بما في ذلك العنف عبر الإنترنت؛ وكرّست التمييز وعدم المساواة، لاسيّما بين الجنسين، أكثر من أي وقت مضى.

 

وأوجه عدم المساواة والتمييز المتفشّية في منطقتنا ليست وليدة الأمس، بل إنّها في المنطقة منذ ما قبل الجائحة. فنِسب مشاركة النساء في الهيئات التشريعية ما برحت لا تتجاوز 16.3 في المائة. ومشاركتهنّ في الاقتصاد لا تزال الأدنى في العالم، ونسبتها 25 في المائة. والفجوات في الأجر بينهنّ وبين الرجل سافرة؛ والبطالة بينهنّ مستشرية؛ ونسبة العاملات منهنّ في القطاعات غير النظامية مفرَطة.

 

والنساء في منطقتنا يكسبن أقل من الرجل بنسبة 79 في المائة؛ ونسبة الشابات العربيات العاطلات عن العمل تبلغ 39 في المائة؛ بينما 66 في المائة من النساء العاملات يتركّزن في القطاع غير النظامي، من دون أيّ شكل من أشكال الحماية الاجتماعية.

 

الحضور الكريم،

 

لعلّ القصورَ الذي يشوب حضور المرأة في المناصب القيادية عامل رئيسي وراء هذا المشهد القاتم في منطقتنا. فالنساء يُستبعَدن بشكل شبه دائم عن تلك المناصب، لا سيّما بفعل غياب السياسات والتدابير والأطر القانونية الداعمة لهنّ، ومن بينها نظام الحصص مثلاً. كما أنّ حضورهنّ يتركّز في ما يُسمّى وظائف الياقات الوردية، حيث تَندُر فرص تميُّزِهِنّ.

 

               كذلك، لا يزال مفهوم القيادة ضيقاً في منطقتنا، ممّا يحول دون إدراك الأدوار القيادية التي تؤديها النساء بعيداً عن الأضواء، على مستوى القواعد الشعبية، والمدارس، والأسر المعيشية، والمجتمعات المحلية.

 

               ولكن، في خضمّ هذا المشهد القاتم، ظهرت بارقة أمل.

 

               فخلال العام المنصرم، برز دور النساء جلياً في الخطوط الأمامية في الجهود المحلية والإقليمية والعالمية المبذولة لمكافحة الجائحة. فقد تميَّزْنَ وهنّ يمارسن القيادة بطرق عديدة، كعاملاتٍ في مجال الرعاية الصحية، ومقدِّماتٍ للخدمات الأساسية والرعاية الأسرية، ومعلماتٍ لأبنائهنّ، ومربّيات لأجيال المستقبل.  

السيدات والسادة،

 

               المرأة في منطقتِنا قادرة على العمل، والإنجاز، والتميُّز، وإحداث فرق. ولذلك، ينبغي لنا تكثيف الجهود لتعديل الأفكار النمطية التي تؤذيها وتحول دون الاعتراف بمساهماتها القيّمة في المجتمع والاقتصاد والثقافة والسياسة. وينبغي لنا دعم حضورها في مستويات صنع القرار والقيادة، لتُلهمَ النساء والفتيات أينما كنّ للمشاركة في الحياة العامة.

 

               ووجود المرأة في تلك المراكز القيادية لن تعود ثماره على المرأة فقط، بل على المجتمع ككل.

 

               فمشاركتها الكاملة في الاقتصاد، على قدم المساواة مع الرجل، يمكن أن تؤدي إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي قدرها 28 تريليون دولار، وزيادة في الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية قدرها 1.5 تريليون دولار بحلول عام 2025.

 

               والمساواة بين الجنسين في الأجور كفيلة بزيادة الثروة العالمية بنحو 160 تريليون دولار بالقيمة المطلقة، والثروة العربية بـ 8.5 تريليون دولار، في وقت قُدّرت فيه خسائر الناتج المحلي الإجمالي للعديد من الدول العربية نتيجة للجائحة بـ 180 مليار دولار تقريباً.

 

ومن شأن العمل الدؤوب لمكافحة العنف ضد المرأة أن يَقي الاقتصاد العالمي من خسائر مباشرة وغير مباشرة تقدّر بـ 14 تريليون دولار سنويًا، وأن يَقِيَ الاقتصادات العربية من خسائر تقدَّر بـ 245 مليار دولار. وتلك الخسائر يمكن تجنّبها، إذا ترجمنا اعترافنا بالقدرات القيادية للمرأة إلى نظم تشريعية وسياسات منصفة تعزّز حضورها في جميع الميادين. 

 

 

 

 

الحضور الكريم،

 

تجدّد الإسكوا اليوم دعوتها إلى إزالة الحواجز أمام المشاركة الكاملة والفعالة للنساء في الحياة الخاصة والعامة، وإلى تمكينهنّ ليكنّ شريكات متساويات مع الرجل في تحقيق تنمية مستدامة وإقامة مجتمعات مزدهرة.

 

               وكَم يسعِدني أنّ الإسكوا، ومنذ وقت طويل، تدعم حضور المرأة في المراكز القيادية، وتعتمد تعريفاً واسعاً للقيادة يوفّر إطاراً شاملاً يُبرِز عظَمة دور المرأة، وينهض به.

 

               وختاماً،

 

               يشرّفني أن أحتفي معكم بسيداتٍ من منطقتِنا شَغَلْن مناصب قياديةٍ فأبْدَعْنَ فيها. أدعوكم إلى الاستلهام من مسيرتِهنّ ونجاحاتِهن وصلابتِهنّ ليس في خضم الجائحة فحسب، بل في كلّ وقتٍ وفي كل مكان.

 

               وشكراً.

arrow-up icon
تقييم