خطابات

24 شباط/فبراير 2021

المؤتمر الإقليمي لاستعراض الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظّمة والنظامية في المنطقة العربية

كلمة د. رولا دشتي

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا

 

في المؤتمر الإقليمي لاستعراض الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظّمة والنظامية في المنطقة العربية

24 شباط/فبراير 2021

 

 

 

معالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية،

معالي السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج في المملكة المغربية،

معالي السیدة إیفان فائق یعقوب جابرو، وزیرة الهجرة والمهجرين، جمهورية العراق

معالي السید سامح شكرى، وزير الخارجية، جمهورية مصر العربية

الزميل أنطونيو فيتورينو، منسّق شبكة الأمم المتحدة للهجرة والمدير العام للمنظمة الدولية للهجرة،

أصحاب المعالي والسعادة،

الخبراء وممثلي وممثلات المجتمع المدني،

         الحضور الكريم،

 

أحيّيكم جميعاً. وأشكرُكم على المشاركةِ في هذا المؤتمر الإقليمي، الذي يتوِّج مساراً امتدّ على مدى عامٍ من الجهود الدؤوبة لإجراء أولّ مراجعةٍ إقليميةٍ للاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية في المنطقة العربية.

وأخصّ بالشكر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والمنظّمة الدولية للهجرة، وجميع شركاء الإسكوا في شبكة الأمم المتحدة الإقليمية للهجرة في المنطقة العربية، الذين تجمعنا بهم شراكة وطيدة ومثمِرة.

نلتقي اليوم تجسيداً لالتزامنا بالاتفاق العالمي للهجرة، وإيماناً منّا بأنّ أهدافه ستبقى بعيدة المنال ما لم نعمل يداً بيد لتحقيقها. وكَم يسعدني أن أرى بين الحضور كوكبة من ممثلي الدول، ومنظمات المجتمع المدني، والأكاديميين، ومؤسسات حقوق الإنسان، والاتحادات العمالية، وسائر المعنيّين بقضايا الهجرة والمهاجرين.

ولقاؤنا في هذا الوقت بالذات ضرورة لا بدّ منها.

فمنطقتنا، التي ترزح اليوم تحت جائحة كوفيد-19، تأوي أكثر من 40 مليون مهاجر. نعم، أربعون مليوناً. لذلك، أيّ حديث عن الاستجابات اللازمة للتخفيف من آثار هذه الجائحة يجب أن يشمل حوكمةَ الهجرة، وحماية المهاجرين، وأيضاً سبُل مؤازرتهم للاستمرار في أداء أدوارهم.

وأنا أقصد أدوارهم المعهودة التي ما برحوا يؤدّونها على مسار التنمية المستدامة في بلدانهم الأم والمضيفة، وأيضاً أدوارهم المستجدّة في وجه الجائحة.   

فمنذ تفشّي فيروس كوفيد-19، وهم حاضرون في الخطوط الأمامية للتصدي له، يساهمون في استمرار تقديم الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية وأعمال النظافة وغيرها ويحولون دون توقّفها، ويضطلعون بأدوار أساسية في الزراعة والصناعة والبناء وقطاعات أخرى تمثّل شريان حياة اقتصاداتنا الوطنية في هذه الظروف التي لم تكتفِ بكشف النقاب عن أوضاعهم الهشّة، بل زادت من هشاشتها.

هشاشة انكشفت عندما عانى المهاجرون من الأمرّين. الاول نتيجة للقيود التي فرضتها الدول على حرية التنقل، لأنّها حجزت العديد منهم في البلدان المضيفة، غالباً بلا رزقٍ وبلا مأوى ولا رعاية، بعيداً عن أوطانِهم وأسرِهم. والثاني فقدانهم لوظائفهم وعملهم اليومي مما انعكس سلبا على قدرتهم إرسال تحويلات مالية إلى أُسرِهم.

السيدات والسادة،

دول عربية كثيرة اتخذت تدابير لتخفيف من معاناة المهاجرين من خلال تقديم الخدمات الصحية لهم منذ اندلاع أزمة كوفيد-19، وإلى دعمِهم لإجراء الفحوصات الطبية، وشمولِهم في برامج التأمين الاجتماعي، وتحسين أحوال القاطنين منهم في المخيمات المكتظة، وتيسير عودتهم الطوعية إلى بلدانهم.

تلك التدابير المحمودة يمكن أن تحسّن من ظروف المهاجرين في بعض الدول العربية، لكنها مؤقّتة، ولن تعالج أوجه الهشاشة المزمنة التي تشوب أوضاعهم في منطقتنا ولا التحديات الحائلة دون تحقيق الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، ودون جعلِ الهجرة تصبّ في صالح المهاجرين وبلدانهم الأصلية والبلدان التي يهاجرون إليها.

تحديات مزمنة بالفعل، كلّ ما فعلته الجائحة هو أنها كشفتها وفاقمتها، تماماً كما كشفت المساهمات القيّمة للمهاجرين في اقتصادات منطقتنا.

مساهمات كبيرة بالفعل. فعلى الرغم من انخفاض التحويلات المالية حول العالم، استقطبت المنطقة العربية حوالي 55 مليار دولار في العام 2020 مقابل خسائر لحقت بالناتج المحلي الإجمالي للعديد من الدول العربية خلال أزمة كوفيد-19 وقُدِّرت بنحو 180 مليار دولار. 

وفي ضوء هذه الوقائع المنكشفة، تتّضح أهمية إجراء مراجعة إقليمية لحالة الاتفاق العالمي للهجرة.

فاليوم أكثر من أي وقت مضى، علينا البحث معاً في سبُل تعزيز مسارات الهجرة النظامية والحد من الغير نظامية؛ وادماج المهاجرين في بعض السياسات الاجتماعية بما فيها الحماية الاجتماعية؛ وتوفير الخدمات الصحية واللقاحات لهم، أيّاً كان وضعهم القانوني؛ وتحسين ظروف سكنهم؛ وإصلاح نظم العمل لحماية حقوق العمال بما يتضمن ايضا العمل اللائق لهم؛ والحد من الكراهية والتمييز ضدهم؛ ومكافحة الاتجار بالبشر.

         واليوم أكثر من أي وقت مضى، علينا الإجابة معاً على أسئلة جوهرية: كيف نبني معاً لمستقبل يتّسم بازدهار البلدان العربية ورفاه سكانها وكرامتهم، ومن بينهم المهاجرين؟ كيف ننهض بدور المهاجرين كرواد في تحقيق التنمية المستدامة؟ كيف نتآزر ونقيم الشراكات لتحقيق أهداف الاتفاق العالمي؟

في الختام،

أدعوكم إلى العمل لتنفيذ الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظّمة والنظامية والحد من الغير نظامية، لدعم منطقتنا كي تبقى في قلب حركات الهجرة السليمة في العالم، ولتستمرّ في ربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، مساهِمةً في بناء الثروات وتوليد الفرص، وليس المخاطر كما يظنّ كثيرون.

وأحيّي كل مهاجر ومهاجرة من الدول العربية وإليها. أشكرهم على ما برحوا يقدّموه لمنطقتنا. ونعِدهم ألاّ ندخّر نحن وشركاؤنا جهداً لحفظ حقوقهم وكرامتهم، ولتحقيق هجرة آمنة ومنظمة ونظامية تعود بمكاسب إنمائية جمّة على دولهم الأمّ، ودولهم المضيفة.

وشكراً.

 

 

 

 

arrow-up icon
تقييم