خطابات

24 تشرين الأول/أكتوبر 2021

السياسات في البلدان الشحيحة بالمياه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

كلمة الدكتورة رولا دشتي 

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا 

 

أسبوع القاهرة للمياه 2021 - الجزء الرفيع المستوى الحوارات بشأن السياسات في البلدان الشحيحة بالمياه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة  

(القاهرة، 24 تشرين الأول/أكتوبر 2021) 

 

سمو الأميرة سمية بنت الحسين، 

أصحاب المعالي والسعادة، 

الزملاء الأعزاء، 

الخبراء الكرام، 

 

صباح الخير. 

 

بدايةً، أودّ أن أعرب عن تقديري لحكومة جمهورية مصر العربية، لما تظهره من رؤية ثاقبة وقيادة حكيمة، كما دأبها دوماً، من خلال عقد هذه الحوارات الرفيعة المستوى بشأن سياسات المياه في البلدان الشحيحة بالمياه.   

 

ولا يخفى على أحد أنّ الحكومة المصرية تثمّن أهمية المياه في تحقيق التنمية المستدامة،  وخصوصاً في المنطقة العربية، حيث يقيم 90 في المئة من السكان، أي 392 مليون نسمة، في بلدان شحيحة بالمياه. 

 

ومن بين هؤلاء، يفتقر ما يزيد عن 49 مليون شخص إلى خدمات مياه الشرب الأساسية، في ظل حرمانِ ما يزيد عن 74 مليون شخص من خدمات الصرف الصحي الأساسية. 

 

تلك تحديات تفاقمها صراعات وحالات نزوح تحول دون تلبية الاحتياجات اليومية للنساء والأطفال والفئات الضعيفة الأخرى من المياه بأمان، في حرمان واضح من حقوقها الإنسانية في المياه وخدمات الصرف الصحي.  

 حقوقٌ لا بدّ من تحقيقها في المناطق الحضرية والريفية وغير النظامية، لا سيما ونحن نبذل الجهود للاستجابة لجائحة كوفيد-19 والتعافي منها.  

 

وفي خضمّ هذه التحديات، يعبر ثلثا موارد المياه العذبة في المنطقة العربية حدوداً سياسية، مع أكثر من بلد واحد أحياناً، مما يحدّ من قدرة البلدان على اتخاذ تدابير أحادية الجانب لحماية مصالحها الوطنية المتعلقة بالمياه.  

 

الحضور الكريم، 

 

نلتقي اليوم والمنطقة العربية، كما العالم بأسره، تعاني من تغيّرٍ في المناخ لا يعرف حدوداً، ولا يستطيع أيّ بلد أن يتصدى له لوحده.  

 

فحسب توقعات مبادرة الاسكوا الإقليمية لتقييم أثر تغيّر المناخ على الموارد المائية، وقابلية تأثر القطاعات الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة العربية، ريكار، يقدَّر أن ترتفع درجات الحرارة في المنطقة العربية بمقدار 4 إلى 5 درجات مئوية بحلول نهاية هذا القرن.  

 

ولن يفاقم ذلك الإجهادَ الحراري ويؤذي صحة السكان فحسب، بل سيقوّض أيضاً الأمن الغذائي ودخل سكان الأرياف وقدرة النظم الإيكولوجية على التجدّد، وسيضرّ بأحواض المياه الجوفية اللازمة لتخزين المياه للأجيال الحالية والمقبلة. 

 

كذلك، تشير دراسات الإسكوا إلى أن تغير المناخ يمكن أن يزيد خطر نشوب الصراعات العنيفة والنزوح حدةً، لا سيما في المجتمعات المحلية التي تتعرض للمخاطر وللإجهاد المائي بوتيرة متسارعة. 

 

 إزاء هذه الخلفية، عندما يتناول صانعو القرار في البلدان الشحيحة بالمياه موضوع ندرة المياه، فإنّ ما يتناولونه حقاً هو الأمن المائي. وذلك لأنّ المياه ركن من أركان الأمن البشري، والأمن المناخي، والأمن الغذائي، والأمن القومي. لأنّ المياه ركيزة لا بد منها للسلام والأمن. 

 

ولذلك، بات الاستمرار في نُهج العمل كالمعتاد ترفاً لا يمكننا قبوله بعد الآن. 

 

 

حضرة السيدات والسادة، 

 

لتحقيق التغيير المنشود، لا بد من تعزيز التعاون وزيادة التمويل بمختلف أشكاله.  

 

يسرّنا أنّ التعاون الوطني والإقليمي ارتقى إلى مستوى المؤسسات، كما يشهد عليه إنشاء اللجنة المشتركة الرفيعة المستوى المعنية بالزراعة والمياه، التي أطلقت على هامش أسبوع القاهرة للمياه 2019، تحت رعاية جامعة الدول العربية، وبدعم من الإسكوا وشركائنا في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة. 

 

فالتعاون على المستوى الحكومي الدولي أساسي. لأنّ تحقيق الأمن المائي في ظل الاعتماد على المياه الخارجية، وتحت وطأة تغيّر المناخ، يتطلب نُهجاً إقليمية تعاونية وحلولاً تعود بالمكاسب على الجميع على مسار التنمية المستدامة. 

 

كذلك، فإنّ التكنولوجيات الرقمية ومراكز المعرفة الإقليمية، كتلك التي طوّرتها الإسكوا والمعنيّة بتغيّر المناخ والمياه الجوفية، توفّر ثروة من المعارف يمكن للجميع الاستفادة منها لتعزيز الحوار بشأن المياه. 

 

والتمويل أساسي أيضاً، خصوصاً وأنّ البلدان تجهد الآن للتعافي من التراجع الاقتصادي الحاد الناجم عن كوفيد-19. 

 

كذلك، يتطلب تحقيق الأمن المائي في البلدان الشحيحة بالمياه حلولاً مبتكرة، ومدروسة، ومتكاملة. 

 

فهذه الحلول يمكن أن تساعد في مواجهة شتّى التحديات. ويمكن الاسترشاد بالنهج القائم على العلم، والفعّال في كشف آثار تغيّر المناخ على توافر المياه، لجذب الاستثمارات وتمويل العمل المناخي، بما في ذلك على المستوى الإقليمي.

 

والدول الأعضاء في الإسكوا مدعوة إلى الاستفادة من مبادرتنا المتمثلة في مقايضة الديون وتآزر المانحين مقابل العمل المناخي/أهداف التنمية المستدامة، لدعم جهودها للتكيف مع تغير المناخ، وتوجيه التمويل إلى القطاعات المعتمدة على المياه والمتضررة من تغير المناخ. 

 

فهذه المبادرة هي حلّ مبتكر تتطلع الإسكوا إلى تسليط الضوء عليه في محادثات تغيّر المناخ المزمع إجراؤها في غلاسكو الأسبوع المقبل، وكما نأمل  في شرم الشيخ في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين.  

 

الحضور الكريم، 

 

يشرّف الإسكوا قيادة التنسيق الإقليمي دعماً للاستعراض الشامل لمنتصف المدة لعقد العمل من أجل المياه، بتكليف من المجلس الوزاري العربي للمياه، وهيئة الأمم المتحدة للمياه، ومنصة الأمم المتحدة التعاونية الإقليمية للدول العربية. 

 

فنتائج أسبوع القاهرة للمياه، وحوارات السياسات الرفيعة المستوى هذه، والأحداث الإقليمية الأخرى، ستساهم في الاستعراض الإقليمي الشامل لعقد العمل من أجل المياه، الذي ستستضيفه الإسكوا في أيار/مايو 2022. كما أنها ستصبّ، مجتمعةً، في الاستعراض الشامل العالمي في نيويورك في آذار/مارس 2023.

 

ختاماً، 

 

أشكر حكومة جمهورية مصر العربية على تنظيم هذه الحوارات البالغة الأهمية.   

 

وأؤكد لكم أنّ الإسكوا ستستمر في العمل مع الجميع لصون الأمن المائي في البلدان الشحيحة بالمياه، ولتحقيق مستقبل ينعم فيه الجميع بالأمن المائي والحياه الكريمه.

 

وشكراً. 

arrow-up icon
تقييم