أصحابَ المعالي والسعادة،
السيداتُ والسادة،
مساءُ الخير.
يشرّفُني أن أرحّبَ بكم في حفلِ إطلاقِ التقريرِ العربي الثاني حول الفقرِ المتعددِ الأبعاد،
ويسرُّني أنّنا أعدَدْنا هذا التقريرَ بالشراكةِ مع جامعه الدول العربية، فشراكتُنا ضرورةٌ قصوى لدعمِ المنطقةِ العربيةِ في مواجهةِ تداعياتِ صدماتٍ متداخلةٍ قديمةٍ وجديدة:
جائحة كوفيد-19،
الحرب بين روسيا وأوكرانيا،
صراعاتٌ داخلية،
أزماتٌ اقتصاديةٌ ومالية،
كلُّها ألْقَتْ بأعبائِها على الدولِ العربيةِ وشعوبِها.
فارتفعَت الأسعار،
وانخفضَ الطلب،
وتدهورَتْ القوةُ الشرائية،
وازدادت البطالة،
وضاعت المكاسبُ الإنمائية،
وتفاقمَت اللامساواة،
وتقلّصَت الطبقةُ الوسطى،
وأمسى الملايين، خصوصاً من المعتمدين على مصادرِ الدخلِ الهشّةِ أو المحدودة، في عِدادِ الفقراء.
نعم،
شراكتُنا ضرورةٌ لا بدّ منها لدعمِ المنطقةِ في مواجهةِ هذه الصدماتِ التي يُتوقَّع أن ترفع عدد ضحايا الفقرِ المدقع إلى 56 مليون نسمة في عام 2023،
وعدد الأشخاص القابعين دون خطوط الفقر الوطنية إلى 137 مليون نسمة!
أصحاب المعالي ،
الفقرُ في منطقتِنا يتّخذ أبعاداً وأشكالاً مختلفة،
والفقرُ القائمُ على الدخلِ ليس سوى أَحدِها.
وأشكالُ الفقرِ لا تتفاوتُ بين البلدانِ فقط،
بل تتفاوتُ أيضاً داخلَها، وخصوصاً بين المناطق الريفية والحضرية،
وحتّى بين الأُسر،
والفقرُ المتعددُ الأبعادِ يطالُ المنطقةَ العربيةَ بأسرها،
ولا يقتصرُ على سكانِ البلدانِ العربيةِ المنخفضةِ الدخل فقط،
إذ إنّ كثيراً من غيرِ الفقراء يعانون من أشكالٍ متعدّدةٍ من الحرمان.
ففي ستةِ بلدانٍ عربية متوسطةِ الدخل على سبيل المثال،
يطالُ الفقرُ المتعددُ الأبعادِ فرداً واحداً من كلِّ أربعة أفراد، وطفلاً واحداً من كلِّ أربعة أطفال.
وهذا يعني أنّنا جميعاً معنيّون.
ولذلك، علينا جميعاً العملُ على تطبيقِ توصياتِ التقرير:
وضعُ سياساتٍ واستراتيجياتٍ مختلفةٍ على شتّى الجبهات،
للنهوضِ بالتعليم،
والارتقاءِ بالنُظمِ الصحيةِ وقدرتِها على استيعابِ الصدمات،
ودعمِ الأنشطةِ الإنتاجيةِ الكثيفةِ التشغيل،
وتحسينِ القدرةِ على إدارةِ المخاطر،
وقيادةِ التحوّلِ الرقمي وتضييقِ الفجواتِ الرقمية،
وبناءِ القدراتِ المؤسسية.
ولتحقيقِ ذلك،
علينا التخلّي عن نُهُج الإصلاحاتِ القصيرةِ المدى والمؤقّتةِ المفعول،
واعتمادُ نُهُجٍ تحويليةٍ تعالِجُ جذورَ الضعفِ الهيكلي في الدول العربية،
وتضع حدّاً لتوسّعِ التفاوتاتِ بين مختلف شرائح السكان.
وعلينا تجديدُ التركيزِ على قضايا الإنصافِ والعدلِ الاجتماعي،
وعلى إتاحةِ الهياكلِ الأساسية،
وتوفيرِ الخدماتِ وفرصِ توليدِ الدخلِ للجميع.
وعلينا إعادةُ النظرِ في مفهوم الحمايةِ الاجتماعية لتوفيرِ برامجِ حمايةٍ اجتماعيةٍ مستدامةٍ وشاملةٍ للجميع.
برامجُ لا تكرِّس الاعتمادَ والتبعيّة،
بل ترتقي بالسكان من واقع العَوَزِ إلى واقعِ الاكتفاء.
أصحاب المعالي،
أؤكّدُ التزامَ الإسكوا المستمرَّ بدعمِ جميعِ البلدانِ العربيةِ في جهودِها الراميةِ إلى القضاءِ على الفقرِ المتعدد الأبعاد،
وفي تطبيقِ التوصياتِ التي يتضمّنُها التقرير،
لاسيّما من خلالِ وضعِ سياساتٍ واستراتيجياتٍ اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ قائمةٍ على الأدلّة لصالحِ الفقراء عموماً،
وللنهوضِ بالطبقةِ المتوسطةِ خصوصاً.
وختاماً،
في الوقتِ الذي نجتمعُ فيه الآن،
يعاني أفرادٌ، وأسرٌ، وشرائحُ اجتماعيةٌ بأسْرِها من أوجُهَ مختلفةٍ من الفقرِ والحرمان.
واجبُنا أن نسارعَ إلى دعمِهِم،
قبل أن تتغيّرَ المعطياتُ وتتبعثرَ الأولويات،
وكَيْلا تبقى توصياتُ تقريرِنا حبراً على ورق.
وشكراً.