خطابات

30 تشرين الأول/أكتوبر 2022

إفتتاح القمة العربية لريادة الأعمال

مندوب صاحبَ السموِ الملكي الأمير الحسين بن عبدالله حفِظه الله، دولة رئيس الوزراء الافخم الدكتور بشر هاني الخصاونة،

معالي وزير الصناعة والتجارة والتموين، السيد يوسف محمود علي الشمالي،

أصحابَ المعالي والسعادة،

السيداتُ والسادة،

صباحُ الخير!

أرحّبُ بكم في أكبرِ تجمّعٍ لروّادِ الأعمالِ وأصحابِ المؤسساتِ الصغيرةِ والمتوسطةِ في المنطقةِ العربيةِ بعد جائحةِ كوفيد-19،

ويشرّفني أن أخاطبَ حضوراً أقلُّ ما يُقال فيه إنّهُ استثنائي!

استثنائيٌّ بتنوّعِهِ غيرِ المسبوق،

وبقصصِ النّجاحِ الملْهِمةِ التي يَزْخَرُ بها،

وبمئاتِ المشاركينَ والمشاركاتِ الّذين يمثّلون رُكْنَيْن أساسيَّيْن من أركانِ المجتمع:

الرُكْنُ الأوّلُ يجسِّدُه روّادُ أعمالٍ صغيرةٍ ومتوسطةٍ ناجحون يتطلّعون للتوسُّع إقليميّاً ودوليّاً،

وصانعو قرارٍ وسياسات،

وممثّلو منظّماتٍ إقليميةٍ ودوليّةٍ، ومُموِّلون.   

أمّا الرُكْنُ الثاني، فيُجسِّدُه روّادُ أعمالٍ مبتدئون،

وأصحابُ مؤسساتٍ صغيرةٍ ومتوسطةٍ يتلمّسون طريقَهم إلى النموِّ والنّجاحِ وسط تحدياتٍ تعصُف بمنطقتِنا.

تحدياتٌ وما أكثرَها!

فَقْرٌ مُسْتَشْرٍ عانى منه نحو 30 في المئة من السكان، أي ما يعادلُ 132 مليون نسمة، في نهاية عام 2021.

ديونٌ مرتفعة قدرُها 1.4 ترليون دولار.

بطالةٌ متفشيةٌ بين الشاباتِ والشبابِ هي الأعلى في العالمِ منذ 25 عاماً،

تبلغُ نحو 26 في المائة.

حرمانٌ من الفرصِ يطالُ فئاتٍ اجتماعيةً بأسرِها.

ثاني أكبر فجوة بين الجنسين في العالم.

جائحةٌ أضعفَت شبكاتِ الأمنِ الاجتماعي،

وحرمَت الفقراءَ من مدّخراتِهم، فازدادوا فقراً،

وعزّزَت امتيازاتِ الأغنياء، فازدادوا ثراءً،

حتى بات الـ10 في المئة الأغنى من السكان يمتلكون نحو 75 في المائة من إجمالي الثروة، في حين يمتلك أفقر 50 في المئة من السكان نحو 3.5 في المائة.

حرب بين روسيا وأوكرانيا يُتوقَّع أن تلحق بالمنطقة خسائر بقيمة 28 مليار دولار في عام 2022.

صراعات أفضت إلى 28 مليون لاجئ ونازح داخلي، وإلى 65 مليوناً بحاجة لمساعدة إنسانية.

 

الحضورُ الكريم،

في خضمِّ هذه التحدياتِ نلتقي، ليكونَ لقاؤُنا جسراً آنَ الأوانُ لبنائِه!

جسرٌ يجمعُ بين الطاقاتِ الباحثةِ عن فرصِ التمويلِ والتدريبِ والتكنولوجيا، وبين القادرينَ على إيجادِ هذه الفرص ومنحِها.

بين ذوي الطموحات، ومَن يمتلكون الثرواتِ لتحقيقِها.

بين أصحابِ الشغفِ والإرادةِ الصلبةِ والمثابرة، ومن يمتلكون المواردَ لترجمتِها إلى إبداعاتٍ وإنجازات.

وبين القدراتِ الكامنةِ، ومَن لديهِم الإمكاناتُ للاستثمارِ فيها.

ولقاؤُنا جسرٌ بين صانعي القرارِ والسياسات المتطلّعينَ إلى النهوضِ بمجتمعاتِنا، وبين السُبُلِ المتاحةِ لتحقيقِ تطلّعاتهم.

أوَليْسَ دعمُ المؤسساتِ الصغيرةِ والمتوسطةِ من أفضل السُبُلِ للنهوضِ بالمجتمع؟

 

السيدات والسادة صانعي القرار والسياسات،

لننتهز فرصةَ لقائِنا اليوم،

ولندعم تلك المؤسسات لتعود هي علينا بالفائدة!

فهي تشكّل 90 في المائة من المؤسسات التجارية في منطقتنا، لكنّ مساهمتها في إجمالي الناتج المحلي أقل من 10 في المائة في العديد من دولنا، مقابل أكثر من 50 في المئة في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، مثلاً. 

وأكثر هذه المؤسسات تعمل في القطاع غير النظامي،

لندعمها لتصبح نظامية فتساهمَ مساهمةً كبيرةً في التخفيف من الفقر.

وإنّ بيْنَنا اليوم مؤسساتٍ لا تزالُ أسيرةَ بيئةِ أعمالٍ تكبِّلُ إمكاناتِها.  

وبيْنَنا روّادُ أعمالٍ من الشبابِ والشابات يتحيَّنونَ الفرصَ لإثباتِ قدرتِهِم، ولديهم أفكارٌ خلاّقةٌ وابتكاراتٌ لا تزالُ حبيسةَ أسواقٍ محليّةٍ ضيّقة. 

اليومَ فرصتُنا لنفتحَ الحدودَ والأسواقَ الإقليميةَ والدوليةَ لهم و لتطويرِ بيئةٍ مؤاتيةٍ لها. 

 

أيُّها الشبابُ والشاباتْ الأعزاء،

أنتم شركاؤُنا في المجتمع!

نعقُدُ هذه القِمّةَ من أجلكم.

ابنوا جسوراً في ما بينكم، واعبُروا الحدودَ معاً.

تحلَّوْا بالجُرْأة،

واطلُبوا من أصحابِ القرارِ حلولاً لمشاكلِكُم، ودعماً لأفكارِكُم وابتكاراتِكُم،   

فهي سبيلُنا إلى منطقةٍ عربيةٍ يعمُّها الازدهارُ والاستقرارُ والأملْ.

قد يُقالُ لكم: الواقعُ صعبٌ وما تطلبونه مستحيلْ.

وأقولْ: لا شيءَ مستحيلُ مع الإصرارِ والمُثابَرة!

قد يُقال: أنتم حالمون و أفكارُكُم غيرُ واقعيّة!

وأقول: كلُّ الابتكاراتِ التي غيّرَت وجهَ البشريّةِ بدأت بفكرةٍ كانت تبدو مستحيلةً في ذاك الوقت!

قد يُقال: ماذا لو فشِلْتُم؟

وأقول: وإن يَكُنْ؟ تعلَّموا من أخطائِكُم وانْهَضوا.

فالفشلُ هو بداية النجاح.

قد يُقال: أنتم تجازِفون.

وأقول: لا تخافوا،

فمَن يَخَفْ صعود الجبال يَعِشْ أبَدَ الدَهْرِ بين الحُفَر!

 

السيدات والسادة،

أَنْظرُ من حَوْلي،

فأرى وجوهاً تُشرِق أمَلاً،

وجُسوراً تنتظرُ من يبنيها،

وأفكاراً تنتظرُ من ينفّذُها،

وطموحاتٍ تنتظرُ من يحقِّقُها.

طموحاتٌ أناشِدُكم أن نبدأَ بِدعْمِها منذ هذه اللحظة!  

التحدياتُ أمامَنا جسيمةْ،

والطريقُ طويلةْ.

هذا صحيحْ.

لكن لا يهُمّ.

لِنبدأ المسيرة معاً.

وإن تعثّرْنا، فلننهضْ معاً.

المهمُّ أن نبدأ اليوم، الآن، معاً!  

 

وشكراً.

 

 

 

arrow-up icon
تقييم