معالي السيدة سهام بوغديري نمسية، وزيرة المالية في تونس،
حضرة السيدة لمياء الصغير، مديرة الترويج لبرامج ومشاريع التعاون بين بلدان الجنوب، الوكالة التونسية للتعاون الفني،
السيدات والسادة،
صباح الخير.
يشرّفُني أن أزورَ هذا البلدَ العزيزَ لإطلاقِ مرصدِ الإنفاقِ الاجتماعيِّ لتونس وهو ثمرةُ تعاونٍ وثيقٍ بين الإسكوا ووزاره المالية والوكالة التونسية للتعاون الفني.
وكلّي أملٌ أن يسهمَ هذا المرصدُ في تعزيزِ قدرةِ تونس على الإنفاقِ الاجتماعي من أجل دعمِ المجتمعِ والاقتصاد، على الرغمِ من شدّة الضغوطِ الماليةِ التي ترزح تحتها بسبب زيادةِ الضغوطِ التضخّميةِ التصاعدية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، ومواجهه تداعيات كورونا، وارتفاع إجمالي الدينِ السيادي وخدمة الدينِ الخارجي، اضافه الي ان تونس كسائرِ البلدانِ المتوسطة الدخل، مستبعدةٌ من الآلياتِ العالميةِ لتخفيفِ عبءِ الدين أو الوقفِ الاختياريِ لخدمةِ الديون، ناهيك على أنّ الحصولَ على التمويلَ الميسّرَ والمساعدةَ الإنمائيةَ أصبح صعباً.
الحضورُ الكريم،
الهدفُ من اجتماعِنا اليوم ليس تعدادَ التحدياتِ،
بل البحثُ في الحلولِ،
والإجابةُ معاً على هذا السؤال:
"كيف يمكنُ تحسينُ الإنفاقِ الاجتماعي في تونس لدعم الناسِ وسُبل عيشِهم والحفاظ على الاستدامةِ الماليةِ"؟
ترى الإسكوا أنّ مرصدِ الإنفاقِ الاجتماعي لتونس أداةٌ فعالةٌ للنهوضِ بالإنفاقِ الاجتماعي، ولتوجيهِ تخصيصِ الموارد في إطار "الإنفاق الذكي"، وتحقيقِ أهدافِ السياساتِ الماليةِ الكلّيّة.
وترى الإسكوا أيضاً أنّ إطلاقَ المرصدِ يتمُّ في الوقتِ المناسب، بما أنّه يدعم تنفيذَ خطة التنمية الوطنية في تونس، ويسهم في ما يلي:
أولاً- تحسينُ رصدِ وإدارة الإنفاق الاجتماعي، من خلال تقييم إنصافِ البرامج الاجتماعية وكفاءتِها وفعاليتِها. ويمكن لتونس تحرير ما يقارب 3.1 مليار دينار من خلال تحسين كفاءة الإنفاق الاجتماعي إلى مستوى المتوسط العالمي.
وثانياً- ادّخار المواردِ وإعادةِ توجيهِها نحو القطاعات الأكثر حاجة، وبالتالي تعزيزِ استدامة السياساتِ المالية الكليّة.
وثالثاً- رصدُ أولويات التنمية الاجتماعية للحكومة لدعمِ مواءمتِها مع أهداف التنمية المستدامة، وتوجيهُ تدخّلات السياساتِ الاجتماعيةِ نحو تحقيق النموِ الشاملِ والتنمية البشرية.
السيداتِ والسادة،
إنعاشُ الاقتصادِ ضرورةٌ لا تحتملُ التأخير.
ولتحقيقِها، لا بدّ من تحسينِ فعاليةِ القطاعِ العام وكفاءةِ الإنفاقِ على قطاعِ الخدماتِ الاجتماعية.
ولا بدّ من تحديدِ المجالاتِ التي يتّسم فيها الإنفاقُ بعدم الكفاءةِ حسبَ المعاييرِ العالمية.
وهنا تكمن أهمية مرصدُ الإنفاقِ الاجتماعي.
فهو يتيح إجراءَ محاكاةٍ لتوقُّع التحسّن في الكفاءة وفاعليّة الإنفاق.
وهو يدعم عمليات الميزنة في العديدِ من الوزاراتِ القطاعية والمالية.
كما أنه يقدّم إطاراً جديداً لقياسِ الإنفاقِ الاجتماعي يتماشى مع أهدافِ التنمية المستدامة ويمكّن صانعي القرار من إعادةِ التوازنِ إلى الإنفاق.
والمرصد يتمتّع بخاصيّةٍ تتيحُ للجهاتِ المسؤولةِ عن وضعِ الميزانيات …..الحصولَ على النتائجِ بسهولةٍ فورَ الانتهاء من إعدادِ الميزانية. كما أنّه أداةٌ فعّالة يمكن من خلالِها للحكومة التواصلُ بسرعةٍ مع السكّانِ والمجتمعِ المدني والمانحين، وذلك بشأن البرامجِ والإنفاق المخصّصِ لها.
وإضافةً إلى هذا المرصد الخاصّ بتونس، تعملُ الإسكوا على تطويرِ مراصدَ للإنفاق الاجتماعي لبلدانٍ أخرى في المنطقة.
والهدفُ من ذلك هو تعزيز دعمِنا للجهود التي تبذلها دولنا الأعضاء لتحقيقِ أهداف التنمية المستدامة، ليس من خلال إنفاقِ المزيد، بل الإنفاقِ على نحوٍ أكثرَ ذكاء.
ختاماً،
أشكرُ معالي السيدة سهام بوغديري نمسية وحضرة السيدة لمياء الصغير وفريقَيْهِما على التعاونِ الوثيقِ في تطويرِ مرصدِ الإنفاقِ الاجتماعي وتشغيلِه.
وأتمنّى للجميع لقاءً مثمراً ولتونس العزيزه استدام استدامه الاستقرار والمزيد من الازدهار والنمو.