افتتاح اجتماع الإسكوا حول نتائج مؤتمر الحوار الوطني في اليمن وكيفية تنفيذها
اعتبرت اليوم الدكتورة ريما خلف، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا ، أنّ تجربة اليمن في الربيع العربي فريدة، " فقد سبق العمليات الانتخابية وصياغة الدساتير حوار وطني واسع وعميق. وأهمية ذلك تكمن في أن الحوار الوطني هو المساحة الرحبة التي تنصهر فيها توافقات المواطنين والأطراف على مختلف فئاتهم".
خلف كانت تتحدث هذا الصباح في افتتاح الاجتماع الذي دعت إليه الإسكوا بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ومؤسسة "مبادرة المساحة المشتركة لتبادل المعرفة وبناء التوافق" تحت عنوان "مؤتمر الحوار الوطني في اليمن: إختتم المؤتمر، بدأ العمل"، والذي ينهي أعماله غداً.
وقد شهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، بالإضافة إلى كلمة خلف، كلمات لكل من السفير الدكتور علي أحمد الديلمي القائم بأعمال سفارة الجمهورية اليمنية في بيروت والدكتور عبد الكريم الإرياني المستشار السياسي لرئيس الجمهورية اليمنية ورئيس الوزراء الأسبق.
خلف
في البداية، ألقى الدكتور طارق علمي، مدير شعبة القضايا الناشئة والنزاعات في الإسكوا، كلمة ترحيبية ثم كانت كلمة الدكتورة ريما خلف التي قالت إن العملية التشريعية والدستورية والانتخابية، يجب أن تستمد أسسها من هذه المساحة التي وفرها الحوار الوطني، فتأتي نتيجة للتوافق، كي لا تتحول الى تسويات فوقية بين الأطراف القوية في المجتمع والسلطة، تفرض على عموم المجتمع. وأضافت: "من مزايا الحوار في اليمن أنه كان شاملاً للجميع دون استبعاد أي طرف، ونأى عن الدعوة الى العزل والتطهير والإقصاء. ما تحقق في اليمن هام جداً، ولكنه ليس سوى البداية. والنجاح في المستقبل هو رهن بالقدرة على تحويل الأفكار والتوصيات على الورق، إلى وقائع وحقائق على الأرض. والعقبات والتحديات ليست بقليلة، واجتماعنا اليوم لمناقشة التحديات أمام تنفيذ النتائج التي توصل إليها الحوار الوطني. ننظر إلى المستقبل، وندعوكم إلى مناقشة صريحة حول كيفية الانتقال من صياغة نقاط التوافق، الى اختبار عمق التوافق الحقيقي في التطبيق والممارسة."
واعتبرت انّ انعقاد الحوار في اليمن هو نجاح بحدّ ذاته كانت نتيجته توافقاً على تماسك الكيان اليمني حيال مخاطر داخلية وخارجية جسيمة. وأملت أن " نرى كل الفرقاء اليمنيين، متكاتفين في سبيل وضع مقررات مؤتمر الحوار موضع التنفيذ. فمهما اختلفت آراؤهم، يجمعهم توافق على حل المشاكل بالحوار، وعن طريق الآليات الديمقراطية. وتحدوهم مثابرة على العمل من أجل صياغة عقد اجتماعي جديد بين المواطن والدولة، وبين المواطن والمواطن."
وختمت قائلة إن الإسكوا مع شركائها في منظمة العمل الدولية وفي مبادرة المساحة المشتركة، تستطيع أن تساهم في هذا المسار من خلال توفير مساحة للتفكير النقدي والهادئ في مستقبل قرارات الحوار وكيفية تنفيذها.
الديلمي
وفي كلمته، اعتبر السفير الديلمي أن اليمن ماضٍ في بناء دولته الجديدة التي ينعم فيها كل أبنائه بالحرية والعدالة ويشاركون في حكمه ويحصلون على حصّتهم من ثرواته مهما كانت الصعوبات والتحديات، لأن الجميع في اليمن جسّدوا إدراكهم بأنّ مستقبل البلد لا يمكن ان يكون آمناً ومستقرا إلا إذا شارك كل اليمنيين في صياغته وبنائه. وأثنى على مبادرة مجلس التعاون الخليجي قائلاً:" لا شكّ أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ووقوف الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي والدول الصديقة كان له الأثر الكبير في نجاح اليمنيين في تنفيذ المبادرة وكان آخر النجاحات الإنتهاء من مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي رسم الطريق لبناء اليمن الجديد وفي توافق غير مسبوق بين كافة القوى السياسية". وأضاف :" رغم انّ اليمن تواجه مشاكل متصاعدة ويجد كثير من اليمنيين أنفسهم في مرمى الاستهداف الطائفي أو المذهبي أو العرقي لا لشيء ولكن لأن الطائفية في اليمن هي إحدى تداعيات عدم المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وعندما يصبح التعامل في أي مجتمع على أساس الهويات تكون الدولة والديمقراطية مهددة لأن الناس ستكون خياراتها على أساس انتمائها وتزداد وتتفاقم الانقسامات داخل الوطن الواحد ولهذا من الصعب أن نفهم ما يحدث في اليمن دون معرفة أساس الانقسامات الموجودة في اليمن لأنها المحرك الأساسي لكل العملية السياسية في اليمن."
وأشاد بتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي ووزير الخارجية الدكتور أبو بكر عبدالله القربي التي كان لها الأثر الكبير "في مساهمة الدبلوماسية اليمنية في تحقيق الهدف التي تسعى إليه كل القوى السياسية في الحوار الوطني من خلال عقد مثل هذه الاجتماعات بمشاركة نخبة يمنية ساهمت بفعالية من اجل مستقبل أفضل لكل اليمنيين بمختلف توجهاتهم."
الإرياني
وختم الرئيس الدكتور عبد الكريم الإرياني بكلمة اعتبر فيها أن الفرج للأزمة التي مرّت بها اليمن منذ 11 شباط/ فبراير 2011 أتى بمبادرة من دول مجلس التعاون الخليجي. وقال إن هذه المبادرة مرّت بمراحل متعددّة لكنها أفضت إلى ما توافق عليه الناس، سلطة ومعارضة، من نقلٍ سلس للسلطة من رئيس الجمهورية السابق إلى نائبه ومن ثم انتخابات شعبيّة مباشرة تلاها تشكيل حكومة وفاق وطني.
وأشار إلى أن الحوار الوطني الشامل شكّل نموذجاً غير مسبوق في تاريخ اليمن إذ أنتج يمناً جديداً ويمنيين جدد، وقد لعبت الأمم المتحدة دوراً أساسياً في مرحلة التحضيرات لهذا الحوار بين السلطة والمعارضة. وشكر الإسكوا على الجهود التي تقوم بها بالنسبة لليمن وعلى الجهود المبذولة لتنظيم اجتماع اليوم.
والهدف الرئيسي من اجتماع الإسكوا هو: تقديم الحوار الوطني اليمني كحالة دراسية إقليمية لمواجهة التحديات متعددة الأوجه خلال مرحلة التحول السياسي؛ وتوفير منصة للجهات الفاعلة الوطنية للبحث في الخطوات اللازمة لتحقيق وتنفيذ قرارات الحوار الوطني؛ وتبادل تجارب عربية ودولية محددة تتعلق بجوانب النجاح او الصعوبات التي واجهتها في مسار التحول الديمقراطي؛ وتعزيز دعم الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي والدور الذي تقوم به الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في ترسيخ الإجماع الوطني الذي تحقق حتى الآن.