تنادى صباح اليوم إلى مقرّ الإسكوا، ساحة رياض الصلح، بيروت، حشدٌ من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية للمشاركة باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي تحرص الإسكوا على إحيائه كل عام في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، التاريخ الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977 يوماً تتضامن فيه دول العالم، حكومات وشعوباً، مع الشعب الفلسطيني.
اللقاء هذا العام تميّز بمشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله والرئيس نجيب ميقاتي، فكان تظاهرة عبّر فيها الحضور عن إيمانه بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وبحقّه في تقرير المصير وحقّه بالاستقلال الوطني والسيادة. وقد تخلّل اللقاء رسالة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون ألقاها نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان روبرت واتكنز، وكلمة للإسكوا ألقتها وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف. وألقت هند صبري، الفنانة والناشطة العربية وسفيرة برنامج الغذاء العالمي لمكافحة الجوع، كلمةً، إذ حلّت ضيفةً على الاحتفال.
صبري
في البداية كانت كلمة ترحيبية لعهد سبول، رئيسة قسم المؤتمرات في الإسكوا، ثم فقرة غنائية من وحي المناسبة للفنانة أمل كعوش، قبل دعوة الفنانة هند صبري للكلام.
في كلمتها، قالت صبري: "القضية الفلسطينية واضحة وضوح الشمس. فهي قضية شعب سلبت حقوقه بشكل لم يسبق له مثيل، أمام أعين العالم أجمع، وهي قضية شعب لم يتوقف يوماً عن المطالبة بهذه الحقوق والنضال والتضحية من أجلها، على الرغم من تخاذل العالم أجمع، أو عجزه في أحسن الأحوال. وهنا لا أتحدث عن الشعوب، خاصة الشعوب العربية التي لم تنس فلسطين وشعبها، بل بقيت ماثلة في وجدانها جيلاً بعد جيل، حتى في أحلك الظروف، وبقي السؤال على مر الأجيال: ماذا يمكننا أن نفعل؟"
وأضافت:" الفن أحيانا هو المرجع الوحيد لإعادة زيارة القضية الفلسطينية، من طرف جيل لا يعرفها إلا من خلال الشعر الذي تركه محمود درويش طبعا وكذلك مؤخراً ميشال خليفي إيليا سليمان ورشيد مشهراوي وهاني أبي أسعد وآن ماري جاسر وأعمالهم السينمائية. وهؤلاء مثلّوا القضية الفلسطينية خير تمثيل، كما فعل الكثير من الفنانين الآخرين، بل ونجحوا في جذب أجيال جديدة نحو القضية والهوية الفلسطينية التي تعرفوا عليها وعاشوها من خلال أعمال هؤلاء. هنا يصبح الفن مقاومة وأداة ضد النسيان. ضد الركود والقوالب الجاهزة."
ولفتت صبري إلى أنه:"عندما يتحدث أي فنان عن قضية ما، يسمعه الناس، ويعرفون أن كلامه نابع عن قناعة وإيمان، لا لأهداف أخرى. وذلك أيضاً يضاعف من حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ليصبح من واجبه زيادة وعي الرأي العام في كل مكان، إن كانت المشكلة في النقص بالوعي، ويصبح واجبه أن يحشد القدرات والعقول والإبداع لدعم هذه القضية لو كان هناك حاجة لذلك. وفي حالة القضية الفلسطينية، هناك حاجة للاثنين معاً. إن وجودي هنا معكم، يرسخ إيماني بأن القضية الفلسطينية لن تموت. بل على العكس، فأنا أزداد قناعة بأن هذه القضية ستصل إلى نهايتها المنشودة عبر نيل الشعب الفلسطيني لكافة حقوقه، أسوة بشعوب العالم. بل وزاد إيماني بأن دوري، ودور زملائي في المجال الفني هو أن نسرّع في ذلك، وفي الوقت نفسه أن نحافظ على الروح الإنسانية والتضامن والتكاتف لدى شعوبنا، بل لدى كل شعوب العالم، لأنه في نهاية المطاف، السلام الحقيقي لا يمكن أن يحل إلا إذا حل على الجميع، دون استثناء.وما الفن سوى رسالة سلام لا تحتاج إلى ترجمه؟"
بان كي-مون
ثم تلا نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان روبرت واتكنز رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون للمناسبة، التي جاء فيها: "(...) إني منزعج من الوضع الخطير على نحو متزايد على الأرض. فقد كان هناك تصعيد للعنف والتحريض. وعلى الرغم من أنني أرحب بإفراج إسرائيل عن السجناء كجزء من الاتفاق على استئناف المحادثات، فإن نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة ما زال مستمر، ولا يزال مدعاة للقلق الخطير للغاية. إذ أن الإعلان عن بناء الآلاف من الوحدات السكنية الجديدة لا يمكن أن يتوافق مع هدف التوصل إلى حل الدولتين ويهدد بانهيار المفاوضات. وتعد المستوطنات انتهاكا للقانون الدولي وتشكل عقبة في طريق السلام. ويجب أن تتوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. ولن يعترف المجتمع الدولي بالتدابير التي تحكم مسبقا على قضايا الوضع النهائي.
وفي الوقت نفسه، يتواصل تشريد الفلسطينيين من خلال هدم المنازل في المنطقة (جيم) في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وتتسم التطورات في القدس الشرقية بأهمية خاصة، حيث تم في هذا العام وحده، هدم نحو 100 من المباني، مما أدى إلى تشريد 300 شخص. ويواجه مئات غيرهم من الفلسطينيين خطر التشريد لأن منازلهم بنيت دون تصاريح بناء صادرة إسرائيل. وهذا ما يبرز أهمية حصول الفلسطينيين على نظام عادل للتخطيط وتقسيم المناطق. وأود أن أذكّّر إسرائيل بالتزاماتها بحماية السكان في ظل الاحتلال. ولا يزال الوضع في غزة مصدراً للقلق الشديد. وإني أكرر إدانة كل عمليات إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وكذلك قيام المسلحين ببناء الأنفاق إلى داخل إسرائيل. ففي أعقاب اكتشاف النفق مؤخرا، علقت إسرائيل نقل مواد البناء إلى قطاع غزة، بما في ذلك للمشاريع الإنسانية. وعلى الرغم من أني أعترف بالشواغل الأمنية المشروعة لإسرائيل، فإني أحث إسرائيل على أن تكفل تلبية احتياجات السكان المدنيين في غزة.
ويبقى الهدف واضحاً - وهو وضع حد للاحتلال الذي بدأ عام 1967 وإقامة دولة فلسطين ذات السيادة والمستقلة والقابلة للبقاء على أساس حدود عام 1967، تعيش جنبا إلى جنب في سلام مع دولة إسرائيل الآمنة. ويتعين أن تخرج القدس من المفاوضات باعتبارها عاصمة الدولتين، مع وضع ترتيبات للأماكن المقدسة تكون مقبولة للجميع. ويجب إيجاد حل متفق عليه لملايين اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة.
وقد صادف شهر أيلول/سبتمبر الماضي الذكرى السنوية العشرين لاتفاقات أوسلو. وإني بعد عقدين من المحادثات وعدد كبير جدا من التطورات السلبية على أرض الواقع، أحث القادة الفلسطينيين والإسرائيليين على اتخاذ القرارات التي من شأنها أن تؤدى الى حل سياسي لهذا النزاع الخطير الذي طال أمده. وتقف الأمم المتحدة، من خلال مشاركتها مع جميع الشركاء المعنيين، بما في ذلك داخل اللجنة الرباعية، على أهبة الاستعداد للمساهمة في هذه العملية وتحقيق حل الدولتين".
خلف
وبعد رسالة الأمين العام للأمم المتحدة، ألقت الأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف كلمة قالت فيها:" نلتقي اليوم تضامناً مع شعب تُستباح حقوقُه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كل يوم في أسوأ احتلال عرفته البشرية في التاريخ المعاصر. الاحتلالات جميعها قبيحة وبغيضة. ولكن ما يتفرد به الاحتلال الإسرائيلي، ليس التنكر للكرامة المتأصلة للشعب القابع تحت الاحتلال فحسب، بل العمل على إبادته سياسياً، وإحلال شعب الدولة المحتلة محله. إسرائيل التي منعت اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم منذ عام 1948، احتلت بالقوة سائر فلسطين، وأمعنت في سياسة تهجير أهلها مستخدمة وسائل شتى من تضييقٍ على سبل عيش الفلسطينيين ومصادرة أرضهم ومصادر رزقهم، إلى هدم بيوتهم وطردهم من وطنهم. وحسب تقارير الأمم المتحدة، قامت إسرائيل منذ عام 1967، بهدم أكثر من خمسة وعشرين ألفِ منشأة ومنزل وبإبعاد أكثر من ربع مليون فلسطيني في خرق سافر لاتفاقية جنيف الرابعة ولما يزيد على ثلاثةَ عشرَ قراراً لمجلس الأمن".
وأضافت خلف:"دفعت إسرائيل بمئات الآلاف للاستيطان في الأراضي الفلسطينية في خرق سافر لاتفاقية جنيف الرابعة التي تمنع صراحةً سلطات الاحتلال من نقل مواطنيها إلى الأراضي المحتلة. انتشرت المستوطنات الإسرائيلية في الجسم الفلسطيني كورم سرطاني، فالتهمت وأكثر من أربعين في المائة من مساحة الضفة الغربية، وأصبح المستوطنون الإسرائيليون يشكلون أكثر من خُمس سكان الضفة ونصفِ سكان القدس. ولا يقتصر شر المستوطنين على الاستيلاء على أرضٍ لا حقّ لهم فيها. ولكنهم، كالورم السرطاني ذاته، ينقضّون على أعضاء الجسد الأخرى ليمتصوا حياةً لهم منها. فتُصادَر أرضُ فلسطين لبناء طرق خاصة بالمستوطنين. وتُقتلع حجارة فلسطين لبناء قلاعهم. وتُنهب مياه فلسطين لري حدائقهم. وباتت فلسطين، تحت الاحتلال الإسرائيلي، المكان الوحيد في عالم اليوم الذي تخصص فيه الموارد وفقاً للانتماء الديني والعرقي، وتُنشأ فيه المرافق لاستخدام طائفة دون أخرى.
ومن اعتقَدَ بعلوّه على الآخر يحرر نفسه من الرادع الأخلاقي الذي يمنع من إيذاء الآخر. وعندما يترافق هذا مع تساهل في القانون وحصانة من المساءلة والعقاب، يصبح عنف المستوطنين العنصري ضد الفلسطينيين سمة أصيلة في نظام الاحتلال القائم على القهر ومصادرة الحق."
وقالت:" لا ينحصر العنف الذي تمارسه سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين، بالعنف الجسدي المباشر، بل يتعداه إلى عنف معنوي وعقوبات جماعية يتجلى أسوأ أشكالها في الحصار الجائر على قطاع غزة الذي يعرّضُ مليون ونصف المليون فلسطيني لمشكلات صحية وتعليمية وحياتية ناهيك عن القتل والاغتيال.
تستمرئ إسرائيل اللجوء إلى الاعتقال التعسفي الذي طال أكثر من 750 ألف فلسطيني منذ عام 1967. ويتعرض هؤلاء لسوء المعاملة والإهمال الطبي والتعذيب في الكثير من الحالات، ويُحرَم عدد كبير منهم من حقهم في المحاكمة، أو حتى في معرفة طبيعة التهم أو الأسباب التي أدت إلى اعتقالهم. ولا تستثني الممارسات الإسرائيلية الفظة أطفال فلسطين، فيمثُل نحو 500 منهم سنوياً في محاكمات عسكرية. وتتجلى في أسلوب اعتقالهم، ومعاملتهم أثناء الاعتقال مخالفات سافرة للقانون الدولي، وحقوق الطفل، والقيم الإنسانية."
وختمت قائلةً: "أما زهرةُ المدائن، القدس، عاصمة فلسطين، ومسرى الرسول وطريق آلام السيد المسيح، فلها من الظلم والعنت الإسرائيلي نصيب مضاعف. وبعد احتلالها عام 1967، أعلنت إسرائيل ضمها عنوة. وانكبت على تهويدها إلغاءً لهويتها الأصلية والأصيلة. فقيَّدت الصلاة في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة. ودمرت المنازل؛ ومنعت أهلها من البناء فيها، وطردت أكثر من خمسة عشر ألفِ مقدسي فلسطيني وصادرت أكثر من ثلاثةٍ وعشرين مليونِ متر مربع من أراضي الفلسطينيين في المدينة ومحيطها، ونقلت إليها مائتي ألفِ مستوطن إسرائيلي لتعزلها بفعل هذه المستوطنات والجدار العازل عن المناطق الفلسطينية المحتلة، وتخلق واقعاً جديداً على الأرض تستكمل به استيلاءها عليها".
ميقاتي
وبعد كلمة خلف، ألقى الرئيس نجيب ميقاتي كلمة قال فيها: "أقف معكم اليوم والقضية الفلسطينية ليست على سلم الأولويات العربية ولا العالمية فالنزاعات التي عصفت بالوطن العربي وعدد الناس الذين فقدوا الأرواح والأرزاق والمأوى في بلدان مختلفة من وطننا العربي وخاصة في سوريا، وهي الجار الأكبر والأوحد للبنان والأكثر التصاقا ً تاريخيا ً بفلسطين أرضا ً وقضية قد حاز باهتمام العالم واحتل الأولوية . حسناً فعلت القيادات الفلسطينية بأن اتخذت قرار النأي بالنفس عن الصراع الدموي في سوريا و الصراع السياسي في لبنان فحمت المجتمع الفلسطيني من أخطار تكرار تجربة لم تولد إلا القتل و الدمار و الخراب على شعب تشرد ولا يزال من ارض إلى ارض ومن شتات إلى شتات". وأضاف:" كلنا يعلم بأن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تجري بإشراف الولايات المتحدة الأميركية التي أظهرت رفضاً واضحاً لسياسة الاستيطان ورغبة في ملاقاة مبادرة العرب في بيروت لعام ٢٠٠٢ ونحن نزيد بدورنا ان لا اتفاق سلام يستطيع أن يحيا إلا بضمان حق العودة للفلسطينيين ... كل الفلسطينيين"
ولفت ميقاتي :"ونحن في لبنان أجمعنا دولة ً وأحزاباً وفاعليات على رفض التوطين وبات الرفض هذا جزءاً من مقدمة الدستور ونحن والفلسطينيون ها هنا متفقون على توحيد الجهود لإقرار حق العودة ومنع التوطين. جوهر السلام هو أن يعيش الشعب الفلسطيني على أرضه في ظل دولة حرّة مستقلّة وفق القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وكل محاولة لتجاوز هذه الثوابت ستؤدي إلى مزيد من الأزمات في الشرق الأوسط والعالم. المجتمع الدولي معني بمنح الفلسطينيين حقوقهم في دولتهم، وبفرض تطبيق القرارات الدولية على الاحتلال الإسرائيلي، لأنه من دون ذلك يعني أن العدالة الدولية تكيل بمكيالين، وهذا ما يؤدي إلى مزيد من المشكلات التي تتوالد في هذا الشرق".
وختم قائلاً :" من فلسطين تبدأ مسيرة السلام، وفي فلسطين يبدأ تأريخ هذه المنطقة. فلسطين متجذّرة في عمق التاريخ، وهي ماضي وحاضر ومستقبل كل المنطقة. وليعلم العالم، وليعلم الاحتلال، أن فلسطين قضية الأمة وستبقى، ولن تزول من ذاكرتنا، وهي بقيت حيّة لأجيال، وستستمر لأجيال، ولن تستطيع قوة على وجه الأرض أن تطمس قضية فلسطين. لا سلام من دون فلسطين.. لا استقرار من دون فلسطين.. لا أمان من دون فلسطين.. لا عدالة من دون فلسطين.. لا حرية ولا ديمقراطية مكتملة من دون فلسطين.. السلام العادل والشامل لا يكون إلا بفلسطين.. ومن دونها لا يكون".
الحمدالله
الكلمة الأخيرة كانت لرئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله الذي قال:" لقد قابلت إسرائيلُ كُلَ جُهودِ التَنمية والبناءِ والمأسسةِ التي نحشدُ لها كُلَ طاقاتِنا بمزيدٍ من الانتهاكات لحقوقِ شعبنِا، ومَزيدٍ من الاستهتار بالجُهود الدَولية المبذولة لإعادة المصداقية للعملية السياسية عبرَ استمرار النشاط والتَوسع الاستيطانيّ، وبناءِ جِدار العَزل والفَصل العُنصريّ، ومُواصلة الاجتياحات العَسكرية والإغلاقات. هذا بالإضافة إلى مُواصلة سياسة الاعتقالات التي تَطالُ أبناءَ شعبِنا يومياً، بما فيهم الأطفال والمرضى والنساء وكِبار السن، واستمرارها في اعتقال الآلاف الذين يَقبعونَ في سجونِها ومُعتقلاتِها، والحِصار الظالم المَفروض على أهلِنا في قطاع غزة، وحرمانِهم من أبسط مُقومات الحياة، وعرقلة مؤسسات دولتِنا من العمل بأقصى طاقاتِها لتَلبية احتياجات المواطنين في كاَفة أماكنِ تَواجُدِهم."
وأضاف:" إن المُعاناة التي يعيشُها شعبُنا في قطاعِ غزة والضفة الغربية، في القُدس ومحيطِها، وفي مضارب البدو، وفي القُرى المُهمشة والمُهددة من الجِدار والإستيطان، وفي الأغوار، واستمرار مأساة اللجوء والاغتراب عن الوطن التي يحياها اللاجئون الفلسطينيون في لُبنان وسوريا والأُردُن، وفي مَنافي الشتات، إنما تستدعي التدخُلَ الفوريّ والفاعل مِن قِبَل المُجتمع الدوليّ وقِوى السلام والمَحبة والعَدل في العالم لإلزام إسرائيل بتنفيذ استحقاقات عملية السلام والتوقف عن فَرض وَقائعَ جَديدة على الأرض، فعلى إسرائيل أن تُدركَ عواقبَ انتهاكاتِها على مُستقبل عَملية السلام برُمَتِها وعلى حَل الدولتين. وإنني أؤكدُ لَكُم أنَ شعبَنا وقيادتَه، سيتصدى لكل مُحاولات الانتقاص من حُقوقِه الوطنية، ولن يَقبل إلا بدَولةٍ فلسطينية على حُدود عام 1967، والقُدس عاصمةً لها، وحَل قضية اللاجئين على أساس القرار194، وكما تضمنتهُ المُبادرة العرَبية للسلام، فقضيةُ اللاجئين هي جَوهرُ القضيةِ الفِلسطينية، وتقع ُفي قَلبِ مشروعِنا الوطنيّ التحرريّ."
وقال: "لقد اعتَمدنا في مُواجهة التَحديات الكَبيرة التي تَعصُفُ بمشروعِنا الوطنيّ على البقاء والمقاومة، وعَمَدنا في ذلك إلى تَوفير مُقومات صُمود وبقاء المواطنين على الأرض. ويَتركزُ جزءٌ هامٌ من عملِنا هذا، على ضمان تَوفير الحياة الكَريمة لأهلِنا اللاجئين في الوطن وفي والشتات، بالتعاون والتنسيق مع المُؤسسات المَحلية والدَولية ذات العِلاقة، خاصةً وَكالة غَوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وعلى حث الجهات والدُول المانحة على مواصلة دعمِها للأنوروا لضمان استمرارها بتأمين خدماتها وتحسين نوعيتِها أيضاً لحين التوصل إلى حَلٍ دائم وعادل لللاجئين. إنَ إصرارَ اللاجئين الفلسطينيين وثباتُهم في وَجهِ التحديات وتشبثُتهم بالوَطن وبِحُلم العَودة إليهِ رُغمَ مُرور أكثرَ من سِتينَ عاماً على النَكبة، كانَ ولا يزالُ مُكوناً أساسياً في حِفظ الثقافةِ والهَوية الفلسطينية، وهو اليوم حافزاً إضافياً لنا لمواصلة العَمل لتحقيق المُصالحة وطي صَفحة الإنقسام المأساويّ وحماية الهَوية الوطنية من مُحاولات الطمس والتشتيت والمُصادرة، فالوفاءُ لتاريخ ياسر عرفات وإرثه التاريخيّ، يُحتمُ علينا إعادةَ الوحدة للوطن ومؤسساته، هذه الوحدة التي ظل زعيمُنا الراحل مُخلصاً لها ومُدافعاً عنها حتى آخر لحظاتِ حياتِهِ."
وأضاف:" إننا نؤمنُ تماماً بالبُعد العَربيّ والدوليّ لقضيتِنا، فهذه القضية التي إرتبطت بالأمُم المُتحدة ومؤسساتِها منذ عام 1947، تستمدُ المَزيدَ من الزَخم والقوة بفضلِ دعمِكم المُتواصل، والذي كانَ لهُ عظيم َالأثر في تعزيز ثقة أبناء شعبنا بحَتميةِ انجاز حقوقِنا العادِلة. ونحنُ نعولُ اليوم، وأكثرَ من أيِ وقتٍ مضى، على استمرار هذا الدَعم للوصول بمشروعنِا الوطنيّ إلى نهايتِه المُتمثلة في الخَلاص التام من الاحتلال وتجسيدِ سيادتِنا الوطنية في دولتِنا المُستقلة."
وختم قائلاً:"إننا نُثمنُ عَالياً جُهودَ معالي الأمين العام للأمُم المُتحدة السيد بان كي مون، ومبادرات اللجنة المعنية بمُمارسة الشعب الفلسطيني لحقوقِه غيرِ القابلة للتَصرف، ورئيَسها سعادة السَفير عبد السلام ديالو على الجُهود التي يبذلونَها جميعاً لتحقيق تَطَلُعات الشعب الفلسطينيّ وضمان إلزام إسرائيل بالوقف الفوريّ لإنتهاكاتها والإلتزام بالقانون الدَوليّ والقانون الدَوليّ الإنسانيّ وقرارات الشرعية الدولية، كمدخلٍ أساسيّ ولا بُدَ منهُ لإعطاء المِصداقية للعملية السياسية."