افتتاح الاجتماع الرفيع المستوى حول الانتقال إلى الديمقراطية في حضور وزير الدولة عبد الله باها مُمثلاً جلالة الملك محمد السادس
افتُتح صباح اليوم الاجتماع الرفيع المستوى حول "الانتقال إلى الديمقراطية: التحديات والفرص الاقتصادية بعيداً عن الشعبوية"، في العاصمة المغربية، الرباط، الذي تعقده الإسكوا بالتعاون مع اللجان الإقليمية الأربع الأخرى التابعة للأمم المتحدة، من 5 إلى 6 شباط/فبراير 2013، وذلك في حضور وزير الدولة السيد عبد الله باها ممثلاً جلالة الملك محمد السادس، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بوزارة الشؤون العامة والحكامة السيد محمد نجيب بوليف.
وقد شهدت الجلسة الافتتاحية كلمة لجلالة الملك محمد السادس ألقاها الوزير باها وقد جاء فيها :"مما يضفي على هذا الملتقى أهمية خاصة، كونه ينعقد في ظل ظرفية إقليمية ودولية دقيقة تتميّز على وجه الخصوص بالتحولات السياسية العميقة والمتسارعة التي نشهدها في بعض الدول العربية، فضلاً عن الإنعكاسات السلبية للأزمة المالية العالمية على أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية.
وهو ما يجعل موضوع "التحديات الاقتصادية في الأمد القصير للتحول الديمقراطي" الذي اخترتموه لهذا الاجتماع أكثر راهنية ويتطلّب الانكباب الجادّ لتدارس مختلف تحليلاته لأن الاهتمام الخاص الذي تحظى به التطوّرات السياسية بهذه الدول لا يواكبه نفس الاهتمام بالمجال الاقتصادي.
بل نرى على العكس من ذلك أن هذه التطوّرات التي أسّست لعالم جديد على درب الانتقال الديمقراطي قد أفرزت، مع كامل الأسف، مناخاً أمنياً وسياسياً واجتماعياً معقداً يتّسم هنا وهناك بالاضطراب المقلق مع ما يواكب ذلك من تداعيات سلبيّة على الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي."
وبعد كلمة جلالة الملك محمد السادس، ألقت الدكتورة ريما خلف، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا كلمة قالت فيها إنّه "في أعقاب اندلاع ثورات الحرية والعدالة والكرامة، حلّق العرب بآمالهم عالياً" لكنها لفتت أنّه "بعد عامين على اندلاع الثورات ، يحل التشاؤم والقلق في نفوس كثيرين. فما انتظروه من ازدهار لم يتحقق. الفقر لم ينحسر، والبطالة أصبحت أكثر انتشاراً وإيلاما من ذي قبل". وأشارت إلى انه "في حين استمعت بعض القيادات العربية، كما في المملكة المغربية، إلى صوت شعوبها وشرعت في تنفيذ برامج إصلاح واعدة، جعل آخرون أصابعهم في آذانهم، وأقحموا بلدانهم في دوامة من العنف والقتل والدمار".
واستغلّت خلف المناسبة للإعراب عن سرورها بانضمام هذا البلد إلى أسرة الإسكوا، بلداً ناهضاً، زاوج بين عروبته وعمقه الإفريقي، وصالَح بين أصالته وطموحات الحداثة، فأوغل في عالم اليوم منفتحاً على الآخر، معتزاً بثقافته العريقة، ممتشقاً أجمل ما في تاريخه وتراثه.
وفي كلمتها، أضافت الأمينة التنفيذية للإسكوا أنّ هذا الاجتماع هو الاجتماع الإقليمي الأول الذي يُعقد منذ أصبحت المملكة المغربية عضواً في الإسكوا في صيف عام 2012، ويأتي دعماً للإصلاح والتحول الديمقراطي في البلدان العربية. وهو الثاني في سلسلة حوارات تتناول التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تواجه عملية بناء الحكم الديمقراطي الصالح في المنطقة العربية. وهذه المكوّنات مترابطة لا تنفصل، إذ لا يقدَّرُ نجاحٌ لأي منها ما لم يستكمل بإصلاحات في جميع المكونات الأخرى. وشرحت أن التحوّل الديمقراطي المنشود لن يستقيم، ما لم يدعمه بناء اقتصادي متين، يشارك الجميع في تشييده وفي الإفادة من ثماره. والمجتمع لن يستطيع دعم الاقتصاد بقوى عاملة مبدعة ومنتجة ما لم ينفض عن نفسه غبار الاستكانة والقبول بالأدنى، وقد تراكم عليه طوال عهود القهر والاستبداد. والاقتصاد لن يزدهر ما لم ينغرس في حكم ديمقراطي عادل يحارب الفساد والتبعية.
وأشارت خلف إلى أن تدهور الوضع الاقتصادي ليس غريباً على الثورات، بل هو سمة ملازمة لمراحلها الأولى. فالثورة تقوم أصلاً ضد وضع شاذ، حيث الخلل والإجحاف والإقصاء. ونجاحها يتطلب في أغلب الأحيان هدم الفاسد من هياكل الدولة، وإعادة بنائه على أساس الحرية والعدل والمشاركة الشعبية. و بين الهدم وإعادة البناء لا بد من مرحلة مؤلمة كما علّمتنا تجارب الآخرين. وختمت قائلة إنه لا خلاص سوى ببناء مستقبل، تنعم فيه الشعوب بالحرية والكرامة، في كنف حكم عادل ينبثق من إرادة الشعب، لا يستبعد أحدًا لمجرد انتمائه إلى دين أو عرق أو جنس.
ويشارك في الاجتماع، الذي تتعاون أيضاً في تنظيمه وزارة الشؤون العامة والحكامة في المملكة المغربية، عدد من القياديين السياسيين رفيعي المستوى، يأتون من المنطقة العربية وبلدان العالم الأخرى، بالإضافة إلى عددٍ من صانعي السياسات والممارسين في مجال التنمية من أصحاب الخبرات العالية في قضايا التحول الديمقراطي والإصلاح الاجتماعي والاقتصادي. ويتيح الاجتماع الفرصة لصنّاع القرار في الديمقراطيات العربية الناشئة للتفاعل مع قيادات من بلدان مختلفة في العالم واجهت تحديات مماثلة خلال مسيرة تحوّل بلدانها نحو الديمقراطية.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الاجتماع يرمي إلى توفير منتدى لتبادل الآراء والخبرات بين المشاركين؛ وتزويد صانعي السياسات بأفضل الممارسات العالمية والدروس المستفادة في المجالات ذات الصلة؛ والبحث في السبل المختلفة لإدارة توقعات المواطنين في الأجل القصير إلى المتوسط دون أن يؤدي ذلك إلى نتائج سلبية في المستقبل؛ وتحديد الآليات الرئيسية لإعادة الثقة وبناء توافق في الآراء حول الخيارات الممكنة لتحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية بناءً على تجارب بلدان أخرى؛ واستكشاف الدور المحتمل للتدخّل والدعم والتعاون الإقليمي والدولي في تحديد آفاق التحول الديمقراطي ومواجهة التحديات على المدى القصير؛ وتعزيز التعاون والتشبيك بين بلدان الجنوب؛ وتحديد الاحتياجات ذات الأولوية للبلدان الأعضاء.