Press release

25 Apr 2012

Beirut

حاضرت في مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية حول المرأة في التغيّرات العربية
خلف: على الرغم من التطورات الإيجابية على صعيد الحكم في المنطقة ما زالت المرأة تواجه تحدّيات مزمنة

الأربعاء 25 نيسان/أبريل 2012 (وحدة الإعلام والاتصال في الإسكوا) – قالت الدكتورة ريما خلف وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا إنه على الرغم من التطورات الإيجابية على صعيد الحكم والمواقف المجتمعية في المنطقة العربية، ما زالت المرأة تواجه عدداً من التحدّيات المزمنة التي لا يمكن التصدّي لها إلا بتضافر جهود الحركات النسائية وقوى التغيير. خلف كانت تتحدث أمس أمام حشد من المهتمين في مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية في محاضرة بعنوان "الثورات العربية: قاطرة للنهوض بالمرأة أم عثرة جديدة على دربها". وذكرت خلف في محاضرتها أن من أهم هذه التحديات استمرار تهميش النساء وتعرضهن للحرمان الشديد من فرص توظيف قدراتهن في العمل السياسي والاقتصادي المنتج. ورأت أن مردّ ذلك يعود إلى بعض القوانين التي تنطوي على تمييز ضد المرأة، وإن بذريعة حمايتها أحياناً؛ وإلى البنى الثقافية والنظم الاجتماعية التي لا تزال تنظّر للتمييز بين الجنسين باعتباره من "طبيعة الأشياء" أو الفطرة. لكنها استدركت بالقول إن هذه النظرة التشاؤمية ليست إلا جزءاً من صورة الواقع الجديد، وقالت إنه بخلاف الانطباع السائد، لا تدلّ الوقائع في الدول العربية التي بدأت عملية الانتقال إلى الديمقراطية على تراجع المكتسبات التي حققتها المرأة، بحيث قرّرت كل من تونس والمغرب سحب جميع التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فكانتا أول بلدين عربيين يبادران إلى هذه الخطوة. وفي تونس، أُقر قانون انتخابي جديد كان الأول من نوعه يكرّس التكافؤ بين المرأة والرجل في إلزامه التناوب بين المرشحين الذكور والمرشحات الإناث في القوائم الانتخابية للمجلس التأسيسي. كما أن المشاركة السياسية للمرأة لم تسجل أي تراجع في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في المغرب وتونس. وأضافت خلف في الإطار نفسه أن الإسلام السياسي لا ينذر بالكارثة كما يراه البعض، ففي تونس والمغرب مثلاً نجحت الأحزاب الإسلامية في تأليف حكومة بالائتلاف مع غيرها من القوى والتزمت بتعهداتها بعدم المساس بالحريات الاجتماعية. فالأحزاب التي تمثل تيار الإسلام السياسي تعي جيداً ديناميات القوى السياسية الجديدة في الشارع العربي وهي لا ترغب أن تكون في مواجهة مع الحركات الشعبية الجديدة التي ما زالت قادرة، رغم ضعفها النسبي، على قلب المعادلة السياسية برمتها، عبر لجوئها إلى الشارع. ورأت خلف أن المرأة أصبحت أكثر شجاعة وقدرة على معارضة السلطة المجحفة على الصعيدين السياسي والاجتماعي وخير مثال على ذلك ردة فعل المرأة المصرية على "فحص العذرية" التي أُخضعت له بعض الفتيات اللواتي اعتُقلن في الانتفاضة حيث قررت النساء التداول في هذا الموضوع في العلن، على الرغم من الوصمة التي كانت تجبرهن على الصمت والخنوع في الماضي. وأوضحت خلف أن سميرة إبراهيم، الشابة الجريئة التي كانت إحدى ضحايا هذا الفحص، لم تلزم ركناً مظلماً في حجرتها لتندب حظها السيئ، بل قررت التصدي لهذه الممارسات القبيحة من خلال القضاء، وخلافاً لبعض التوقعات، لم ينبذها المجتمع، بل حظيت بتأييد واسع من الحركات النسائية والعديد من القوى التقدمية. وأشارت إلى أن الثورات ولّدت جيلاً جديداً من النساء اللواتي لن يتوانين بعد اليوم عن الدفاع عن حقوقهن، وهكذا يمكن القول إن العالم العربي يشهد ظهور ملامح نموذج جديد لتمكين المرأة. من جهة أخرى، تناولت خلف في محاضرتها العوامل التي أسهمت في شيوع الانطباع بتراجع فرص المرأة في حقبة ما بعد الثورة لاسيّما بعدما برز حضورها الفاعل في جميع "ميادين التحرير" العربية. فقالت إنه على الرغم من أن جوّ التفاؤل بالقدرة على إحداث تغيير سريع وفوري بعد الانتصار مشروعٌ أسوةً بالدول الأخرى التي عاشت لحظات مماثلة، إلا أن هذه الآمال غالباً ما تجاهلت جسامة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تحتاج معالجتها إلى فترات طويلة، مما رتّب خيبة أمل لدى الكثيرين بعد انقضاء شهور على انتهاء الثورة. وتضيف في هذا السياق أن خيبة الأمل هذه تزداد عند المرأة عندما ترى أن قضاياها لا تتصدر أولويات النخب السياسية الجديدة التي تنشغل بتحصين مواقعها على الساحة السياسية وتركز اهتمامها على ديناميات إدارة عملية الانتقال إلى الديمقراطية على المستوى الوطني. أمّا في ما يتعلّق بتهميش المرأة في السياسة، أعطت خلف أمثلة عن ليبيا التي غُيّبت فيها المرأة عن المراكز العليا في المجلس الوطني الانتقالي حيث عُيّنت امرأة واحدة ولم تُعيّن أي امرأة في منصب وزاري؛ وعن مصر حيث لم تضمّ اللجنة التي شكلها المجلس العسكري لتقديم مقترحات لتعديل الدستور أي امرأة، ولم يتجاوز عدد النساء في المجلس الاستشاري الذي شكله المجلس العسكري الثلاث نساء. وفي ما يخص صعود الإسلام السياسي، اعتبرت خلف أنه من أهم العوامل التي زادت المخاوف من تنامي تقييد الحريات الاجتماعية وحقوق المرأة وحرياتها خاصة مع تصاعد نفوذ الأحزاب الإسلامية بسبب عدم إفصاح هذه الأحزاب عن رؤيتها الاجتماعية بصورة كاملة أو عدم الثقة بالتطمينات والوعود التي قدمتها بعض هذه الأحزاب. *****

arrow-up icon
Feedback