بيروت، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 (الدائرة الإعلامية في الإسكوا) -- نظّمت الإسكوا كما كل عام احتفالاً رسمياً لمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني برعاية رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي. حضر الاحتفال كل من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف، المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان بالإنابة روبرت واتكنز، وزير المهجرين اللبناني علاء الدين ترّو ممثلاً ميقاتي، مستشار رئيس السلطة الفلسطينية صبري صيدم، الناشطة الفلسطينية حرية زيادة، العضو الناشط في جنوب إفريقيا رونالد كاسريل، بالإضافة إلى حشد من الرسميين اللبنانيين، ورؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية، وهيئات الأمم المتحدة العاملة في لبنان، وممثلين عن هيئات أهلية لبنانية وفلسطينية.
بدأ الاحتفال بأغان أنشدها كورال الأطفال الفلسطيني "أطفال الصمود"، تلتها كلمة خلف التي أشارت فيها إلى أنه رغم معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وفي مخيمات اللاجئين، لم يتعب من الصمود، لم تضعف إرادتُه ولا عزيمتُه، ولم يتخلَّ عن حقه في أرضه وهويته. وأضافت أن أطفال فلسطين "يبتكرون كلّ يوم سبلاً جديدة للبقاء، يُقبلون على العلوم والمعارف، يُنشدون جيلاً بعد جيل، كما سمعناهم اليوم: نحنا أطفال الصمود تربيّنا على حب الأرض". وقالت خلف إن يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني يحلّ هذا العام والمنطقة العربية تشهد صحوة جماهيرية جامحة، حيث أن رياح التغيير تهبّ على المنطقة من كل ناحية، متسائلة "ماذا نقولُ للشباب الفلسطينيين عندما يطالبون بحقوقهم، بالحرية والكرامة، أسوةً بغيرهم من الشباب العرب؟ أقولُ لهم اليومَ إنكم لستم أقلَّ جدارةً أو استحقاقاً من البشرية جمعاء. الإعلانُ العالمي لحقوق الإنسان ينطبق عليكم كما على سواكم... مخطئٌ أو واهم من يعتقد أنه يستطيع الاستمرار في استثناء فلسطين من الحقوق، واستثناء إسرائيل من واجب الالتزام بالقانون الدولي". واختتمت خلف بالقول إن "التاريخ حافل بالقصص عن استعمار الدول والشعوب، وجميعُها انتهت، بقي آخر الاحتلالات في فلسطين، وهو أيضاً سينتهي، فما من احتلال يدوم إلى الأبد".
كما ألقى صيدم كلمة قال فيها إنه من المحزن استمرار الحديث عن الاحتلال في فلسطين بينما انتهت كل الاحتلالات وبدأ الكثيرون يتغنون بربيع الآخرين وديمقراطيتهم وحقوق الإنسان، بينما يحجب عن فلسطين استقلالها وحريتها. وقال "نحن متجهون نحو الدولة باستمرار حراكنا الدبلوماسي ونجاح جهود وحدتنا وتمتين عدالة قضيتنا في قلوب الجميع وتضامنهم معنا". واختتم صيدم كلمته بتقديم مجسّم لمقعد فلسطين في الأمم المتحدة والمصنوع من خشب زيتون القدس للأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف، ونسخة عن الرواية الفلسطينية للكاتب خليل بيدس بعد أن تم استرجاعها مؤخرا من الكنيست الإسرائيلي وأعيد طباعتها ونشرها.
وفي كلمته، قال ترو إن لبنان الرسمي والشعبي تضامن لا بل انخرط في النضال مع الفلسطينيين من أجل عودتهم إلى وطنهم وإقامة الدولة وعاصمتها القدس الشريف وذلك منذ عهد رئيس الجمهورية السابق سليمان فرنجية وصولاً إلى اليوم. وأضاف إن لبنان يتطلع إلى قبول كامل عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، وذلك من أجل إنصاف شعوبها وتحقيق أحلامهم وعودة اللاجئين بالتالي إلى ديارهم بعد أن تفرّقوا في العالم كله على مدى أعوام. كما نقل ترّو وعد رئيس الحكومة اللبناني بأن يبقى لبنان متضامناً مع فلسطين حتى آخر المطاف.
استهل كاسريل كلمته بالقول "إننا في جنوب أفريقيا نشعر بالانبهار أمام صمود الشعبين الفلسطيني واللبناني. من المهم أن نرى أن هذه المنطقة التي مرت بالكثير من المشاكل لازالت صامدة". وتوقف عند أوجه التشابه بين المشروع الصهيوني ونظام الفصل العنصري، معتبراً أن "التصرف بأراضي الناس في جنوب أفريقيا كما هو الحال في فلسطين ليس إلا وجها من أوجه الاعتداء على حقوق الإنسان، ويتمتع الأشخاص المعتدى عليهم بحق المقاومة"، مستشهداً بكلام الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي الذي قال في مطلع الستينات إن التغيير السلمي ليس مضموناً إنما التغيير عبر العنف أمر لابد منه. وأضاف إن "رئيسنا الديمقراطي الأول نيلسون مانديلا قال لرئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات لا يمكن أن نكون أحراراً إلا عندما أنتم الفلسطينيون تكونون أحراراً، وعندما تحررّ كل الشعوب". وختم بالقول إننا "نرى الآن بذور الحرية في الشرق الأوسط، لن نتحرر إلا عندما يتحرر كل شبر من أراضيكم ومع إحلال الحرية والعدالة للبشرية جمعاء".
من ناحيتها، تكلّمت زيادة عن تجربتها كناشطة فلسطينية وعن ما يعانيه الشعب الفلسطيني من تهجير وتقسيم وأسر، لكنه على الرغم من ذلك يتكاتف الأيدي للمقاومة من أجل الحرية والعدالة. وأملت أن يستطيع "أطفال الصمود" أن ينشدوا أغاني النصر قريباً من أرض فلسطين بعد عودتهم إليها.
وفي الختام قرأ واتكنز كلمة الأمين العام للأمم المتحدة لمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع شعب فلسطين.
تُقام على هامش الاحتفال سلسلة من الأنشطة الثقافية في قصر اليونسكو في بيروت، تتضمن أمسية شعرية للشاعر تميم البرغوثي؛ وأربعة معارض لصور من فلسطين، ومعرض ذاكرة: صور أطفال من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومعرض التراث: حرفيات فلسطينية، ومعرض الملصقات: القضية الفلسطينية من خلال الملصقات. كما تعرض الجامعة الأمريكية في بيروت فيلم "الطريق 181".