Press release

18 Dec 2008

بيروت

الأمين التنفيذي لـ"الإسكوا" في إطلاق "تقرير السياسة الاجتماعية الثاني: من المفهوم إلى الممارسة": الإرادة والإستراتيجية والرؤية تغيّر الواقع العربي

قال اليوم الأمين التنفيذي لـ"الإسكوا" بدر عمر الدفع إنّ "الإرادة والإستراتيجية والرؤية من شأنها أن تغيّر الواقع العربي". كلام الدفع جاء في إطلاق تقرير السياسة الاجتماعية الثاني: من المفهوم إلى الممارسة، في بيت الأمم المتحدة، ساحة رياض الصلح، بحضور حشد من الشخصيات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية. وقد شهد الحفل أيضاً كلمة رئيسية لوزير المالية الأسبق جهاد أزعور، ومدير شعبة التنمية الاجتماعية بالإنابة وليد هلال. الدفع وقال الدفع إنّ خسائر العالم العربي من جراء الأزمة المالية الأخيرة تقدّر بـ 350 مليار دولار أميركي، معتبراً أنّه لو صرفت هذه المبالغ "على تنمية الإنسان لكان وضعنا أفضل بكثير". واعتبر أنّ "النهج الذي تتّبعه "الإسكوا" في السياسة الاجتماعية يتجاوز المفهوم التقليدي الذي يقتصر على تقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية كالصحة والتعليم إلى مفهوم أوسع يشمل صياغة السياسات العامة وتخطيط البرامج على أسس متينة منها الإنصاف الاجتماعي، وتكافؤ الفرص والمساواة بين الجنسين، وحقوق الإنسان. وترى "الاسكوا" أن وضع سياسة اجتماعية متكاملة تنطلق من رؤية واضحة وإرادة سياسية راسخة هو خيارٌ لا بدّ منه لتحقيق التنمية الاجتماعية المتوازنة والمستدامة. فالسياسة الاجتماعية المتكاملة هي ركن من أركان العقد الاجتماعي الذي يوطّد علاقة الدولة بمواطنيها. وقد أظهرت التجارب أن السياسة الاقتصادية التي يجري وضعها بمعزل عن السياسة الاجتماعية، وعن مبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، لا تكفي لتوفير الرفاه لجميع أفراد المجتمع". وذكّر الدفع أنّ "الإسكوا" أطلقت "مشروع السياسة الاجتماعية المتكاملة" في عام 2002 بهدف توضيح هذا المفهوم، وكيفية تطبيقه ودمجه في السياسة العامة للدولة، وترسيخه على مستوى المؤسسات في المنطقة. وعن تقرير السياسة الاجتماعية الثاني، قال الدفع إنّه يتناول الإنصاف الاجتماعي وتكافؤ الفرص في صنع السياسات العامة، ويتضمن إطاراً ثلاثي العناصر لتطبيق نهج السياسة الاجتماعية المتكاملة، ويشمل: الرؤية الواضحة على صعيد القيادة، وتوافق الآراء بين الشركاء الاجتماعيين، والتنسيق في تقديم الخدمات العامة. وتعمل "الاسكوا" على توضيح دور السياسة الاجتماعية المتكاملة في البلدان الأعضاء، من خلال تقديم خدمات التعاون والدعم الفني للوزارات والجهات المعنية. هلال أمّا هلال، فتطرّق إلى موضوع التقرير الأول، الذي ركّز على تحليل السياسات الاجتماعية والتعرف على السبل الكفيلة برفع مستوى تكاملها وفاعليتها في الدول العربية. أما التقرير الثاني، فيبحث أهمية السياسة الاجتماعية وكيفية صياغتها، ويدخل بالتحديد في مفهومي الإنصاف الاجتماعي وتكافؤ الفرص من منظور السياسات العامة.كما يقدم إطاراً لثلاثة عناصر متفاعلة فيما بينها بصورة ديناميكية، وفي حين يؤكد أن وضع أسس متينة للساسة الاجتماعية يتطلب جمع هذه العناصر في آن معاً، إلاّ أنّه يؤكد أنّ السياسة الاجتماعية في بلدان المنطقة تفتقر في كثير من الأحيان لدى تطبيقها إلى عنصر من هذه العناصر، مما يضعف تأثيرها. لذل يقدّم التقرير استنتاجاً مثيراً للجدل والاهتمام قوامه أنّ نهج السياسة المتكاملة هو الطريق الأسرع نحو إدارة الشأن العام، لما يخدم مصلحة الجميع وهو أيضاً وسيلة هامة لتفادي الفراغ في السياسة الاجتماعية الذي يمكن أن تستغلّه فئات معينة على حساب المجتمع ككل. أزعور من جهته، دعا أزعور إلى إطلاق ثورة فكرية لبناء عقد اجتماعي جديد يقوم على قواعد جديدة للعمل العام، وعلى قيم ومبادئ عربية أصيلة ويضع الإنسان العربي في صلب اهتماماته وتطلّعاته. معلّقاً واعتبر أزعور أنّ أهمية التقرير لا تكمن في محتواه ومقترحاته فحسب إنما في توقيته أيضا فهو"لا يأتي في نهاية عام وبداية عام جديد فقط بل في ظل أزمة مالية تحولت تدريجيا إلى أزمة اقتصادية كبيرة أطاحت باقتصادات العالم المتطورة والحديثة والنامية كذلك" حسب تعبيره. وقد أضاف أنّ هذه الأزمة ستخلّف تداعيات اجتماعية كبيرة وترددات على الاستقرار السياسي، مما يحدونا للنظر إلى التقرير بعين جديدة، إذ أنّه "يقدم لنا كقراء نظرة جديدة في مقاربة المشاكل الاجتماعية ويعرض خارطة طريق لصنع سياسات جديدة. كما يركز على آليات تطبيق السياسات ويتبنى أفكار وطروحات ليس عليها إجماع بالضرورة ". وركّز الوزير السابق على مجابهة التحديات التي يواجهها العالم العربي، المزمنة منها والمستجدّة، كأزمة الغذاء العالمية وارتفاع الأسعار وتداعيات الأزمة المناخية، بالإضافة إلى تمكين المرأة ومحاربة الفقر والتهميش والتصحر وغيرها من الأمور، والخروج منها أقوى. وشدّد أنّه علينا أن نفكر كمجتمع عربي كيف نخرج أقوى من هذه الأزمات فنتحول من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد فاعل ومن استهلاك إلى إنتاج، وننتهج سياسات مالية واقتصادية واجتماعية وغيرها تكّمل بعضها البعض، من خلال ثورة فكرية تضع رؤية للقيادة وتمكن من توافق الآراء ووضع آليات للتطبيق. وقال "الخبراء والاختصاصيون مفكرون مدعوون لجعلنا نرى ماهية مفهوم المواطنة الجديد، وكيف يمكن للمواطن أن يؤمن بالمسؤول ويكون للعمل الاجتماعي هدف ليس فقط رعائي أو تعويضي عن سياسات سياسية غير مجدية اقتصاديا واجتماعياً". كما دعا أزعور "الإسكوا" إلى استكمال العمل من خلال خطوة إضافية تضع الأفكار في رزمة اقتراحات عملية وبمهل زمنية وإطار مبرمج وتعاون مع المؤسسات الأخرى. وطالب الخبراء الاقتصاديين أخيراً إلى إعطاء القيمين على السياسات الاجتماعية رؤية واضحة عن النتائج السلبية للأزمة الاقتصادية التي ستتحول إلى أزمة إنتاج. كما تمنّى أن يكون تقرير السياسة الاجتماعية الثاني شرارة لإطلاق نهضة اجتماعية جديدة من خلال ثورة فكرية للخبراء والاختصاصيين في العالم الاجتماعي والاقتصادي العربي. تجدر الإشارة إلى أنّ "تقرير "الإسكوا" الثاني حول السياسة الاجتماعية: من المفهوم إلى الممارسة"، هو ثاني تقرير من نوعه ضمن سلسلة من التقارير تطالب بمقاربة مبنية على السياسة الاجتماعية المتكاملة، فتشدّد على ضرورة وجود إطار شامل للسياسة الاجتماعية قائم على أسس المساواة والعدالة الاجتماعية. ومن خلال مقاربة للتنمية الاجتماعية قائمة على مراعاة حقوق الإنسان، يوصي التقرير بإعادة النظر في التدخلات المعزولة في قطاعات كالتربية والصحة والعمالة، وبالتحول نحو اعتماد مقاربة شاملة في مجال السياسة الاجتماعية تأخذ بعين الاعتبار المعوقات التي يواجهها مختلف الأفراد والمجموعات في المجتمع.
arrow-up icon
Feedback