تصريح الأمين التنفيذي لـ"اسكوا" لمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
فيما يلي تصريح السيد بدر عمر الدفع، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي لـ"اسكوا" لمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 تشرين الثاني/نوفمبر).
" يأتي اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في أعقاب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، والذي دعا إلى تقسيم فلسطين إلى دولتين. وفي حين أنشئت الدولة الإسرائيلية، لم يف المجتمع الدولي بعد بالتزامه تجاه الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته.
ومن المفارقة أن يكون المجتمع الدولي ملتزماً بإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة، فيما يبقى هذا الهدف بعيد المنال. وبعد مرور ستة عقود، ما زالت الممارسات الإسرائيلية في الأرض المحتلّة العائق الأكبر أمام تحقيق هذا الالتزام الدولي.
منذ أسابيع، قدّمت تقريراً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حول تعمق الأزمة الاجتماعية-الاقتصادية في فلسطين، ولا أريد هنا أن أعيد ذكر تفاصيل الوقائع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية القاتمة في الأرض المحتلّة. ولكن أريد أن أشير إلى أنّ نظام الإغلاق الصارم الذي تفرضه إسرائيل، والذي يبرز بشكل خاص من خلال الجدار البالغ طوله 408 كلم في الضفة الغربية، ومن خلال عزل قطاع غزّة، قد أدّى إلى ارتفاع نسب الفقر إلى 64 بالمائة، فيما وصلت البطالة إلى نسبة 30 بالمائة. واليوم، يعيش 2.1 مليون فلسطيني في حال من الفقر، مقابل 1.3 مليون في أواخر العام 2005. وبناء على ذلك، تعتمد 65 بالمائة من الأسر على نظام القروض غير الرسمية من أجل سدّ حاجاتها الأساسية. وأرجو هنا أن تتأملوا بانعكاسات هذه الأرقام على المستوى الميداني.
لكن الأمور، للأسف، لا تقف عند هذا الحدّ. فالاستمرار في بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية يواكب نظام الإغلاق الصارم. وقد شهدنا ازدياداً في عدد المستوطنين الإسرائيليين من 126 ألفاً في العام 1993 إلى 450 ألفاً في العام 2007. وهنا أيضاً، يبرز إجماع دولي حول عدم قانونية المستوطنات ودورها المعرقل لمسيرة السلام.
ومن أجل إعطاء فكرة مقتضبة عن هذا الوضع المأساوي، اريد أن أشير إلى عرض قدّمته مؤخّراً المفوضّ العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا)، كارن أبي زيد. فقد حذّرت –وأنا من هذا الرأي إلى حدً بعيد- من أنّ الفلسطينيين فقدوا إيمانهم في قدرة المجتمع الدولي على العمل لمصلحتهم العليا، إذ أنّهم لا يستطيعون إيجاد تفسير لتجاهل تطبيق القانون الدولي في الأرض المحتّلة. وهذا الأمر يؤدي إلى نتائج بعيدة المدى تشمل، فيما تشمل، اليأس والإحباط والغضب.
وكلّما طال انتظارنا للسلام، زادت المعاناة وتعاظم الثمن الذي سوف ندفعه تحقيقاً لذلك. ونأمل أن ينجح الاجتماع المنعقد في أنابوليس في ولاية ماريلاند الأميركية في إعادة إطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط. وهو ما دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة والمجتمع الدولي غير مرة من أجل تحقيق تسوية شاملة وعادلة ودائمة، مبنية على المبادئ الدولية وقرارات الأمم المتحدة المعنيّة.
وفي ظلّ شرق أوسط تكثر فيه الأزمات، حيث تغيب النظرة المعتدلة ، لا نستطيع أن نتكبّد ثمن استمرار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي إلى ما لا نهاية. يجب أن نكسر دائرة العنف والكراهية والمعاناة. فقد تأخّرنا 60 عاماً بالفعل."