Press release

16 May 2006

بيروت

الهجرة الدولية والتنمية في العالم العربي: التحديات والفرص

بيروت في 16 أيار/مايو 2006 (الدائرة الإعلامية في إسكوا)-- قال السيد عاطف قبرصي، نائب الأمين التنفيذي لـ"اسكوا"، إن الاتجاهات العالمية الجديدة التي فرضتها العولمة أدت إلى تزايد الاندماج بين الثقافات والمجتمعات والاقتصاديات، وجعلت الدول اكثر اعتمادا على بعضها البعض . فالتقنيات الحديثة ساعدت على سرعة انتقال راس المال، والسلع، والخدمات ، والمعلومات . لكنها لم تطل انتقال العمالة بالقدر الذي حظيت به البضائع ورؤوس الأموال مما أضعف القوى التفاوضية للعمال لصالح رأس المال وإسقاط العديد من مكتسباتهم التي حصلوا عليها عبر صراع طويل وتضحيات جسام، وتفاقم الفقر واتسعت الهوة بين الطبقات وتدهورت البيئة. افتتح صباح أمس في بيت الأمم المتحدة، بيروت، اجتماع للخبراء تحت عنوان "الهجرة الدولية والتنمية في العالم العربي: التحديات والفرص". ويأتي هذا الاجتماع، الذي تعقده "اسكوا" بالتعاون مع إدارة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مقر الأمم المتحدة، نيويورك، في ضوء البعد الإقليمي الذي يلعبه موضوع الهجرة الدولية وعلى مسار التنمية وابعادها في المنطقة العربية. ويستمر الاجتماع حتى يوم غد الأربعاء. وبالإضافة الى قبرصي، الذي القى الكلمة نيابة عن السيدة مرفت تلاوي الأمين التنفيذي لـ"اسكوا"، تكلم في الجلسة الافتتاحية كل من السفير رضى شحاته، مستشار السياسات الخارجية في وزارة الخارجية في البحرين، والسيد بيلا هوفي، رئيس قسم الهجرة في إدارة السكان التابعة لإدارة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الامم المتحدة. وفي كلمته، قال قبرصي: "إنّ التساؤل الحالي المطروح على صعيد منطقتنا العربية يدور حول مستقبل الهجرة العربية في ضوء التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الجديدة، والتي تتزامن مع تحولات ديموغرافية مرتقبة ستشهدها دول المنطقة. فالاتجاهات الديموغرافية في المنطقة العربية شرعت بالتحول التدريجي نحو مراحل ديموغرافية جديدة في العقود الأخيرة من القرن الماضي ممهدةً الطريق نحو تغيير بنيوي في الهيكل العمري للسكان . فمع الانخفاض التدريجي لمعدلات الخصوبة ستتغير التركيبة العمرية للسكان فيرتفع عدد السكان في سن العمل (15-65) من 70 مليون عام 1990 إلى ما يقارب ال130 مليون عام 2010 أي بزيادة صافية تقارب من 60 مليون نسمة. أما الزيادة الصافية للفئة العمرية بين 15-24 سنة، فتصل إلى 17 مليون نسمة بين عامي 2000 و2010. وتعتبر التغيرات الهيكلية للسكان في المنطقة بمثابة فرصة سانحة لزيادة الادخارات والاستثمارات نتيجة انخفاض معدلات الإعالة بشكل موازٍ لانخفاض معدلات الخصوبة. الا ان اقتناص هذه الفرصة مرهون بعقلانية السياسات والاجراءات التي تتبناها الدول ، فقد تفوت المنطقة عليها هذه الفرصة إذا فشلت في استيعاب الاعداد المتزايدة من السكان في سوق العمل مما يدفع بهم إلى المزيد من الهجرة. فالاتجاهات الديموغرافية تعتبر إيجابية إذا تزامنت مع سياسات اقتصادية واجتماعية مناسبة، ومتجهة بأهدافها نحو الفئات العمرية الشابة؛ في الوقت عينه، قد يكون أثرها سلبياً على التنمية إن لم يستطع متخذو القرار إدراجها في حساباتهم مبكراً واغتنام الفرصة في خلق الظروف المؤاتية والبيئة السياسية الملائمة." وقال أيضاً: "بذلك ترتبط اتجاهات الهجرة بالتنبؤات الديموغرافية من جهة وبالتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجهها المنطقة من جهة أخرى، وقد تتحول سلسلة التحديات إلى عوامل دافعة أو طاردة للموارد البشرية والأيدي العاملة وذلك نتيجة لسياسات وتشريعات قد تكون غير مؤاتية تؤدي إلى تفاقم الخلل السائد في أسواق العمل. ومن النتائج المتوقعة التي يتعين على الحكومات مواجهتها هي تفاقم الطلب على الهجرة والضغط الاجتماعي والسياسي الذي قد تسببه نتيجة لصعوبة تلبيتها على الصعيدين الإقليمي والدولي وذلك بسبب السياسات والتشريعات التي تنتهجها بلدان الاستقبال والتي يسعى بعضها ً إلى الحدّ من الهجرة وتضييق منافذها. وبذلك اصبح لزاما على الدول العربية التنسيق فيما بينها ، لضمان التعاطي مع الهجرة بشكل جماعي يتجاوز النطاق الفردي الحالي إلى نطاق أوسع . فمع تزايد اعداد المهاجرين تزداد الحاجة الى اطار اقليمي وربما دولي للحوار بين الحكومات يسهل عملية التعاون والتنسيق بين البلدان والاقاليم المختلفة." وكان الاجتماع قد استهل بكلمة ترحيبية للسيدة بتول شكوري، رئيسة قسم السكان في "اسكوا"، قبل إعطاء الكلام للسفير شحاته الذي قال انه يجب على مناقشات هذا الاجتماع ان تعترف بأن احدى التحديات امام الاستراتيجيات الاقتصادية في المنطقة العربية هو إيجاد التوازن المناسب بين الفائدة والكلفة الناتجة عن الهجرة وبين العرض والطلب المرتبط بالعمال المهاجرين، لافتاً الى أن سياسات الهجرة في المنطقة يجب ان تأخذ بعين الاعتبار هذه الوقائع. وقال إن المحرك الأهم للهجرة في المنطقة هو الفوارق في مجالات التنمية والديموغرافيا والعملية الديمقراطية مشددا على أن هذه الفوارق ما زالت قائمة وهي تزداد اتساعاً. ثم تكلم هوفي الذي اعطى أربعة أمثلة على أهمية موضوع الهجرة الدولية بالنسبة للمنطقة العربية قائلا: "أولا، إن بعض الدول التي تشهد العدد الأكبر من المهاجرين في العالم هي في هذه المنطقة. وتشكل نقطة تجاذب للهجرة من الجنوب إلى الجنوب. ثانياً، لقد تزايدت الهجرة الدولية في المنطقة العربية خلال السنوات الماضية الأخيرة. ووفقاً لتقديرات إدارة الأمم المتحدة للسكان، زاد عدد المهاجرين الدوليين بنسبة 50% منذ العام 1990 ليصبح 20 مليون نسمة في العام 2005. وهذا التزايد السريع يبقى استثنائياً بالنسبة لعدد المهاجرين الذي سجل في المناطق النامية الأخرى. ثالثاً، هناك مجموعات كبيرة من المهاجرين الذين يعيشون ويعملون في الخارج وينتمون الى هذه المنطقة. فالمداخيل التي تأتي الى المنطقة نتيجة لعمل تلك المجموعات تشكل دعماً مهماً لملايين الأسر. رابعاً، إن عدد المهاجرين العابرين خاصة في البلدان الشرق أوسطية قد ازداد مؤخراً. ويهدف اجتماع الهجرة الدولية والتنمية في العالم العربي إلى تقييم أثر الهجرة الدولية على التنمية الاجتماعية وتقييم السياسات والخطوات التي يجب اتباعها لتحسين فرص تطبيق الاتفاقيات المعنية على الصعدين الإقليمي و الدولي. كما يهدف إلى تفعيل تجميع ورصد الدروس المستفاد منها و التجارب الناجحة في هذا المضمار من الدول المانحة و المستفيدة.
arrow-up icon
Feedback