تشكل قضية زيادة فرص العمل والتشغيل في المنطقة العربية أكبر التحديات الإنمائية. وقد باتت البطالة مصدر قلق لصانعي القرار ومصدر خطر يهدد التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويهدر الطاقات البشرية، ولا سيّما في حالة الشباب الذين يشكلون أكبر نسبة من العاطلين عن العمل.
تناول الأمين التنفيذي لـ"الإسكوا"، بدر عمر الدفع، مشكلة البطالة والتشغيل من زاوية "التعاون الإقليمي العربي في المجالات الاجتماعية الخاصة بالشباب"، في المنتدى العربي للتنمية والتشغيل، الذي نظّمته وزارة العمل القطرية بالتعاون مع منظمة العمل العربية بين 15 و16 تشرين الثاني/نوفمبر في الدوحة، قطر.
تحديات وحلول
ولحظ الدفع في مداخلته أنّ سوق العمل يخضع لتحوّلات سريعة دائمة يصعب أحياناً توقعها ومواكبتها. ورغم النمو المرتفع الذي سجّلته المنطقة العربية، والذي بلغ معدّله 6 في المائة سنويا تقريباً بين العامين 2003 و2007، فإنّ تأثير "ذلك النمو على معدّلات البطالة ظل محدوداً للغاية. فمعدلات البطالة في المنطقة العربية هي الأعلى في العالم. ويشير التقرير العربي الأول للتشغيل والبطالة الصادر عن منظمة العمل العربية إلى أن معدلات البطالة في المنطقة العربية تجاوزت 14 في المائة من مجموع القوى العاملة و25 في المائة مجموع الشباب".
ولفت الدفع إلى أنّه في المنطقة العربية، حققت المرأة مكاسب في الحصول على التعليم، ولكنّ هذه المكاسب لم تنعكس على مشاركتها الاقتصادية. ومن ناحية أخرى، "يلاحظ أن معدلات البطالة بين المتعلمين هي الأعلى في غالبية البلدان العربية، إذ تبلغ هذه المعدّلات في مصر 10 أضعاف معدل البطالة في الفئات الأخرى، وخمسة أضعاف في المغرب وثلاثة أضعاف في الجزائر. وفي ذلك دليل على أن كفاءات هؤلاء لا تتناسب مع احتياجات سوق العمل، وأن معارفهم لا تتماشى مع الدورة الاقتصادية".
وإزاء التحديات المطروحة، تقوم البلدان العربية بمحاولات لاستحداث الوظائف وتشغيل طالبي العمل. ولكن الجهود ما تزال غير كافية، وتتطلب ابتكار حلول جديدة كتنظيم برامج تدريبية وتثقيفية موجهة إلى الشباب والشابات لتوعيتهم بأهمية العمل وقيمته. وقد اقترح الدفع "التركيز في التدريب المهني على تدريب المرأة لزيادة معدل مشاركتها في سوق العمل وتنويع مجالات عملها؛ والعمل على تعزيز التعاون العربي لمكافحة البطالة؛ وتوجيه الإنفاق العام إلى المناطق النائية والأقل نمواًً بغية تحقيق العدالة في توزيع الموارد من جهة، واستفادة جميع المواطنين، وخاصة الفقراء منهم، من ثمار التنمية، من جهة أخرى؛ ووضع حزمة من السياسات لتنشيط اقتصادات المنطقة" وغيرها من الحلول.
الشباب أولوية
وأكّد الدفع "أن قضايا الشباب هي دائماً في صلب اهتمامات "الإسكوا" وبرامجها. واللجنة تحرص على طرح هذه القضايا وبحث الحلول الممكنة لها في إطار السياسات الاجتماعية المتكاملة التي تركز على مفهوم الترابط بين النمو الاقتصادي والعوائد الاجتماعية، وكذلك على تعزيز قطاعات الإنتاج التي تعتمد بكثافة على الأيدي العاملة، وربط برامج التدريب والتعليم باحتياجات سوق العمل وإجراء مسوح حول توفر الأيدي العاملة في البلدان المصدرة بهدف تدريبها لتمكينها من تلبية احتياجات سوق العمل". وقد أصدرت الإسكوا العديد من الدراسات حول طبيعة سوق العمل في المنطقة العربية، وأطر التعاون الإقليمي. كما أصدرت بالتعاون مع وكالات وأجهزة منظومة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية تقريراً مفصلاً حول الأهداف الإنمائية للألفية في المنطقة العربية. وقد ركز هذا التقرير على القضايا ذات الأولوية للشباب العربي ومنها قضية زيادة فرص العمل.
وقد شارك في المنتدى العربي للتنمية والتشغيل 25 وزيرا تقريباً من وزارات الاقتصاد والتعليم والتدريب والعمل في الدول العربية، ومنظمات أصحاب الأعمال الوطنية والمنظمات العربية والدولية ذات العلاقة، إضافة إلى عدد من الخبراء والشخصيات الاقتصادية والاختصاصيين في مجالات العمل، ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات سيدات الأعمال العربية.