لا يزال تقدم البلدان العربية في مسيرتها نحو مواءمة قوانينها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تضمن المساواة بين الجنسين والقضاء على التمييز ضد المرأة متفاوتًا ومتباينًا. كان هذا هو مضمون الاتفاق المنبثق عن الاجتماع الذي استضافته المملكة العربية السعودية وضم مسؤولين حكوميين؛ وخبراء في قضايا المساواة بين الجنسين؛ ونشطاء في المجتمع المدني؛ ومشرعين؛ وحقوقيين من أجل الإطلاق الافتراضي للمجموعة الجديدة من التقارير المعنية بعدالة النوع الاجتماعي والقانون التي تغطي 17 بلدا عربيا
تدابير إيجابية
تظهر مجموعة التقارير مجتمعة أنه توجد في جميع أنحاء المنطقة تدابير إيجابية تواكب المعايير الدولية في مجال الأهلية القانونية. فاليوم، تتمتع المرأة بحقوق متساوية في جميع البلدان الـ 17 فيما يتعلق بالحق في الحصول على بطاقة هوية وطنية؛ وطلب جواز سفر؛ وإبرام العقود؛ وامتلاك الأصول وتسجيل الأعمال التجارية؛ وبدء الإجراءات القانونية في المسائل المدنية.
وبالمثل في مجال العمل والمنافع الاقتصادية يحمي القانون حقوق المرأة في الحصول على أجر متساوٍ مع الرجل في 16 بلدا، كما أنه يكفل حماية حقها في الحصول على الأجر المتساوي عن العمل متساوي القيمة في تسعة بلدان. علاوة على ذلك، تتمتع المرأة حالياً بالحماية بموجب القانون من التحرش الجنسي في مكان العمل في ثمانية بلدان، وهي البحرين ومصر والعراق والكويت ولبنان والمغرب والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ وإن كان لدى بلدين فقط، هما البحرين والمملكة العربية السعودية، أحكام تسمح بالدعاوى المدنية وسبل الانتصاف من التحرش الجنسي في مكان العمل.
واعتمدت عشرة بلدان، هي مصر والعراق والأردن وفلسطين والمغرب والمملكة العربية السعودية والصومال والسودان وتونس والإمارات نظم الحصص المخصصة للمرأة في البرلمانات الوطنية (الكوتا) لتعزيز قدر أكبر من المشاركة للمرأة في الحياة السياسية، غير أن هناك أربعة بلدان فقط، وهي الصومال والسودان وتونس والإمارات، لديها كوتا تسمح بنسبة 30 في المائة على الأقل كنسبة المقاعد البرلمانية المخصصة للنساء. ولم تسن سوى تونس قانونًا يجرم صراحة العنف ضد المرأة في الانتخابات والنشاط السياسي.
وسنت ثمانية بلدان، قوانين للحماية من العنف الأسري. فقد تبنت كل من الكويت والإمارات قوانين جديدة بشأن الحماية من العنف الأسري، بينما أدخل لبنان والأردن بعض الإصلاحات القانونية الإيجابية منذ عام 2018. وفي السودان، تم تمرير قانون جديد يجرّم تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية(الختان)، كما أجريت في مصر تعديلات على القوانين الحالية توفر حماية أكبر لضحايا تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.
التحديات والثغرات والإشارات إلى ما يلزم اتخاذه من إجراءات
تظهر التقارير أن الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية لا تزال تمثل تحدياً رئيسياً في المنطقة، نظرًا لكونها المجال الذي تم فيه إحراز أقل قدر من التقدم نحو الوفاء بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وذلك استناداً إلى المؤشرات المختارة. وهذا يؤكد أهمية اتخاذ إجراءات لحماية واحترام وإعمال هذه المجموعة الهامة من الحقوق لتحقيق المساواة بين الجنسين.
وتسلط تقارير عام 2022 الضوء أيضًا على الثغرات المشتركة التي تقتضي إجراءات قانونية. وتشير إلى أهمية اعتماد إحصاءات وبيانات مصنفة حسب الجنس، وهي إحصاءات وبيانات بالغة الأهمية لصنع السياسات القائمة على الأدلة.
ولضمان مشاركة أكبر للمرأة في السياسة، توفر التقارير أيضًا أسسًا للمطالبة باعتماد أكبر لحصص النساء في التمثيل السياسي وتعزيز أحكام الحصص الحالية والقوانين التي تجرم العنف ضد المرأة في السياسة / الانتخابات.
وبالمثل، نظراً لأن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل في المنطقة هي الأدنى في العالم، تؤكد البيانات الواردة في التقارير على ضرورة إنهاء جميع القيود المفروضة على عمل المرأة في قوانين العمل؛ واعتماد قوانين محددة تضمن بيئة آمنة للنساء في مكان العمل؛ وتوسيع نطاق قوانين إجازة الأمومة لتتماشى مع الحد الأدنى للمعيار الدولي وهو 14 أسبوعًا، وضمان إجازة الأبوة مدفوعة الأجر.
كذلك إذ تستمر أوجه عدم المساواة بين الجنسين داخل الأسرة وانتشار العنف القائم على الجنس في المنطقة، توفر التقارير بيانات لدعم الدعوة لإدخال إصلاحات في قوانين الأحوال الشخصية لمنح حقوق متساوية للرجال والنساء داخل الأسرة، وكذلك اعتماد تشريعات شاملة ضد العنف القائم على الجنس.