خطابات

6 يونيو 2023

The 2nd Arab Forum on Equality

بواسطة Rola Dashti

معالي الوزيرات والوزراءِ المحترمين،

أصحابَ السعادة ،

الحضورُ الكريم، 

يسعد صباحكم جميعاً،

وأهلاً بكم في بيت الأمم المتحدة في بيروت.

 اليومَ أتوجَّهُ إليكم كمواطِنةٍ عربيةٍ لطالما عايشَتْ مشاكلَ هذه المنطقةِ العزيزةِ.

بسببِ الأزماتِ والكوارثِ التي تعصفُ بمنطقتِنا، تواجهُ معظمُ الدولِ العربيةِ تحدياً كبيراً متعلقاً بالأمنِ الغذائيِ، وقد وضع مصيرَ الفقراءِ والضعفاءِ في دولِنا  في خطرٍ حقيقي: فلقمةُ عيشِهم، كما قوتُهم اليوميُ، مهدّدة.

فعائلاتٌ بأكملِها لا تعرفُ من أين ستأتي بالوجبةِ التالية، ومَن مِن الأطفالِ سيأكلُ، ومن سينتظرُ دورَه في اليومِ التالي ليحصلَ على وجبةٍ قد لا تكونُ بالضرورةِ متكاملةً أو صحيةً.

كلُّ ذلك فيما بيننا عائلاتٌ لديها فائضٌ من الغذاء، بل ويهدرُ كلُّ فردٍ منها حوالَي 120 كيلوغراماً من الغذاءِ سنوياً.

نعم. الغذاءُ متوفّرٌ، وبكمياتٍ تكفي كلَّ السكانِ في منطقتِنا العربيةِ.

غيرَ أنّ التحديَ يكمُنُ في التفاوتاتِ الكبيرةِ بين بلدانِ المنطقة، وداخلَ شرائحِ السكانِ المختلفةِ، وبين المناطقِ الريفيةِ والحضريةِ.

ففئةٌ محدودةٌ تحصلُ على الكثيرِ من الغذاء، بينما فئةٌ كبيرةٌ تحصلُ على القليل.

وثُلثُ سكانِ المنطقةِ يعانون من انعدامِ الأمنِ الغذائي، بينما ثُلثٌ آخرُ يعاني من السُمنةِ المفرطةِ.

ونتائجُ ذلك مقلقةٌ:

فواحدةٌ من بينِ كلّ ثلاثِ نساءٍ في سنّ الإنجابِ في هذه المنطقةِ تعاني من فقرِ الدم،

والمحصّلة: أجيالٌ بأكملِها تعاني من مشاكلَ صحيةٍ بسببِ ضعفِ صحةِ الأم،

ومن مشاكلَ اجتماعيةٍ بسببِ الفقرِ المتفشّي،

ممّا يضعُها في دائرةٍ مفرغةٍ من الفقرِ وانعدامِ الأمنِ الغذائيّ والصحيّ.

ولو نظرْنا في مسبّباتِ هشاشةِ الأمنِ الغذائيِ العربيِ،

لوجدناها متعددةً.

فالمنطقةُ العربيةُ تعتمدُ بشكلٍ كبيرٍ على استيرادِ الغذاء.

وخلال العقدِ القادمِ، ستصبحُ المنطقةُ أكبرَ مستوردٍ للغذاءِ للفرد، وثانيَ أكبر مستوردٍ من حيثُ القيمةِ المطلقة.

وكلُّ ذلك يجعلُها عُرضةً لتقلّباتِ الأسعارِ والإمدادات،

ولأيِّ اضطراباتٍ في الأسواقِ العالمية.

وتتلاقى آثارُ الحروبِ وعدم الاستقرارِ السياسيِ مع تغيّرِ المناخِ وطبيعةِ الأراضي الجافةِ في المنطقة،

ممّا يزيدُ من هشاشةِ أمنِنا الغذائي. 

تحت وطأةِ هذه التحديات،

لا تزالُ منطقتُنا من أكثرِ مناطقِ العالمِ معاناةً من اللامساواة.

وعلى الرغمِ من تضاعفِ إجمالي الناتجِ المحلي في العشرين سنةً الماضية، تزايدت معدلاتُ الفقرِ حتى بات يطالُ حوالي 160 مليونَ شخص، وواصلَتْ الفجوةُ بين الفقراءِ والأغنياءِ اتّساعها.

فهل يجوزُ أن يبقى الشبابُ، والنساءُ، والأشخاصُ ذوو الإعاقة، والرازحون تحت النزاعِ والاحتلالِ تحت براثنِ الفقرِ والجوعِ والخوفِ من مستقبلٍ لا أفقَ له؟

هؤلاء حقُّهم علينا جميعاً أن نجدَ حلولاً تخففُ من معاناتِهم، وتمنحُهم أبسطَ حقوقِهم في تأمينِ غذاءٍ صحيٍ ومتوازنٍ يضمنُ عيشاً كريماً لهم.

 

أصحابَ وصاحباتِ القرارِ الكرام،

إنّ انعدامَ الأمنِ الغذائيِ يشعلُ اللامساواة.

ولن تتحققَ آمالُ شعوبِ المنطقةِ العربيةِ ما دام هناك عدمُ مساواةٍ في الغذاء الصحيِ للجميع.

ونحن جميعاً مسؤولون أمامَ شعوبِنا، وواجبُنا العملُ سوياً للحدِّ من أوجهِ اللامساواةِ، من خلال تنفيذِ إصلاحاتٍ  اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ وبيئيةٍ جذرية، وتطبيقِ الحوكمةِ الرشيدة، ومكافحةِ الفساد، وإعادةِ النظرِ في سياساتِنا الزراعيةِ والإنتاجيةِ والتجارية، وتعزيزِ الاستثمارِ في إنتاجيةِ الأراضي والمياه. والأهمُ من كلِّ هذا هو ضمانُ التوزيعِ العادلِ للغذاءِ بأسعارٍ تناسبُ الجميع.

ختاماً،

لا يفوتُني أن أشكرَ شركاءَنا في مجموعةِ باثفايندر من أجل مجتمعاتٍ سلميةٍ وعادلةٍ وشاملة، وصندوق التضامن الإسلامي للتنمية،

ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة،

وبرنامج الأغذية العالمي،

ومنظمة أوكسفام،

على تعاونِهم معنا في تنظيمِ هذا المنتدى ليكونَ منصةً للمنطقةِ العربيةِ للحوارِ الحرّ والمثمر، وسبيلاً إلى حلولٍ عمليةٍ مبتكرةٍ لانتشالِ الملايينِ من شباكِ الحرمانِ واللامساواةِ ورفعِ الجوعِ والفقرِ عنهم وعن أولادِهم من بعدهم. فبالرغمِ من قلقي على أمنِنا  الغذائي، لا زلت مؤمنةً بأننا قادرون على التعافي معاً، بل وعلى الازدهار. 

فالطريقُ بدأناه معاً، ولا خيارَ سوى إكمالِه معاً.  

وشكراً.

 

arrow-up icon
تقييم