افتتحت الإسكوا اليوم ورشة عمل حول "الحماية الاجتماعية كعنصر تنمية" في بيت الأمم المتحدة في بيروت في حضور وزيرة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية ماجدة المصري ووزير العمل الأردني محمود كفاويين ونائب الأمينة التنفيذية للإسكوا نديم خوري وممثلة وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رندة بو حمدان. ألقت الوزيرة الفلسطينية في الجلسة الافتتاحية كلمة أكّدت فيها أن عنوان هذه الورشة يشكّل أولوية وطنية ملحّة للشعب الفلسطيني باعتبار الحماية الاجتماعية من روافع تماسك النسيج الاجتماعي الفلسطيني وصمود أبناء شعبه في مواجهة سياسات الاحتلال. وأشارت إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية أعادت صياغة برامجها وتدخلاتها في مجال الحماية والرعاية والوقاية، وتمكين الفئات الضعيفة من الفقراء وذوي الإعاقة والمسنين والأطفال والنساء ومرضى الآفات الاجتماعية، وذلك بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين. واختتمت ماجدة المصري بالقول إن الحكومة الفلسطينية تسعى من خلال هذه الورشة إلى الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الإسكوا والدول الشقيقة والصديقة لإغناء التجربة الوطنية الفلسطينية في مجال الحماية الاجتماعية. أوجز خوري في كلمته أهداف هذه الورشة المتمثلة في عرض تجارب مختلفة في صياغة أنظمة الحماية الاجتماعية الفعالة والمتكاملة للاستفادة منها في تنمية المجتمع العربي وتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب لتحديد مقاربات مبتكرة تزيد من تأثير برامج ومشاريع الحماية الاجتماعية. وقال إنه مع تعاقب الأزمات العالمية، وتصدياً للتحديات المتأتية منها، بدأ صانعو السياسات في العديد من دول الإسكوا بإعادة النظر في برامج الحماية الاجتماعية والمساعدة الاجتماعية. وشدّد خوري على مطلب أساسي وهو صياغة عقد مدني جديد بين حكومات المنطقة ومواطنيها يقوم على مبادئ الحرية والعدالة والإنصاف والحق في المشاركة في صياغة أطر الحياة السياسية والمجتمعية. وتكّلم كفاويين عن انعدام الدقة في المؤشرات الإحصائية في مجال الحماية الاجتماعية والأرقام غير الدقيقة التي تصدر عنها، بالإضافة إلى الالتباس الذي يطغى على المفاهيم والمصطلحات المتعلّقة بهذا الموضوع. وقال إنه من الضروري فهم الحماية الاجتماعية باعتبارها حقاً وليست إحساناً، وشدّد على المشكلة الأخطر التي تواجهها المنطقة العربية والمتمثلة في البطالة المتزايدة، ليس بسبب عدم توافر فرص العمل فحسب بل أيضاً بسبب تدفق اليد العاملة الأجنبية. وتناول الأردن بشكل خاص في هذا الشأن، مشيراً إلى أن اقتصادها ليس قوياً ويعتمد على الواردات بشكل أساسي، وتبلغ نسبة البطالة فيها 13.5 في المائة، وهي النسبة الأعلى في المنطقة، وأغلبهم من الجامعيين. وطالب كفاويين بضرورة إعادة النظر في السياسات وبرامج الحماية الاجتماعية التي تقوم بها المنظمات الدولية بحيث أن بعضها ناجح لكن البعض الآخر مخفق. وقد تناولت خبيرة السياسات الاجتماعية في الإسكوا مهى يحيى موضوع خدمات الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية التي تتصف بالريعية ولا ينظر إليها بوصفها حقاً، وبالتالي فإنها ليست منتجة وغير مستدامة. وأضافت أن الشعب العربي يريد اليوم التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، ولتأمين استدامة الربيع العربي يجب وضع عقد مدني جديد يقوم على ثلاث ركائز أساسية، هي استراتيجيات النمو القائمة على المساواة والإنصاف، الحماية الاجتماعية كعنصر تنمية للجميع، وسياسات حاضنة لجميع مواطنيها. وأشارت إلى أن التحديات الإنمائية الأساسية في المنطقة العربية تطال قطاعين رئيسيين، هما التعليم والصحة، ذلك لأنه تتم مقاربة الموضوع الاجتماعي منفصلاً عن الاقتصادي أو باعتباره ملحقاً له. وقالت يحيى إن الفجوة الإنمائية تتسع بسبب عجز الموازنة، وانعدام الأمن الغذائي، والشح في الموارد المائية، وانعدام التغطية الاجتماعية، حيث أن 30 في المائة فقط من اليد العاملة منتسبة للنظام التقاعدي. تستمر الورشة إلى يوم غد الأربعاء، 7 أيلول/سبتمبر، ويشارك فيها خبراء ومهنيون لمناقشة التحديات والنجاحات والإخفاقات للنماذج المختلفة للحماية الاجتماعية المطبقة في مناطق الإسكوا وأمريكا اللاتينية وآسيا والمحيط الهادئ. تهدف الورشة إلى تحديد مقاربات مبتكرة للسياسة الاجتماعية المتكاملة التي تجمع بين المساعدة الاجتماعية والتأمين الاجتماعي والتمكين الاقتصادي وتزيد تأثير برامج ومشاريع الحماية. وتخصص فيها جلستان لمناقشة إستراتيجية الحماية والتنمية الاجتماعية في فلسطين وسبل تطويرها.