المشاركة والعدالة الاجتماعية على جدول أعمال الدورة الـ27 للإسكوا
الاثنين 30 نيسان/أبريل 2012 (وحدة الإعلام والاتصال) -- سعياً إلى اعتماد نهج إنمائي جديد يلبّي تطلعات الشباب وطموحاتهم في المشاركة في الحياة الاقتصادية والعامة، تعمل الأطراف المعنية في المنطقة العربية جاهدة لإيلاء مزيد من الاهتمام للمساءلة والعدالة. وفي إطار المواضيع الرئيسية والحياتية التي تتناولها الإسكوا في الاجتماعات الوزارية من دورتها السابعة والعشرين، التي تلتئم برعاية رئيس مجلس الوزراء اللبناني يومي 9 و10 أيار/مايو، يناقش المشاركون في حلقة حوار وزارية موضوع "دور المشاركة والعدالة الاجتماعية في تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة". وقد أعدّت الإسكوا تقريراً حول هذا الموضوع الهدف منه وضع إطار مفاهيمي لوصف العلاقة الوثيقة بين العدالة الاجتماعية والمشاركة والتماسك الاجتماعي في تحقيق التنمية المستدامة وبناء المجتمعات المتوازنة للجميع. وفي ظلّ ما تشهده المنطقة العربية من تغييرات في التركيبة الاجتماعية والسياسية بفعل الانتفاضات الشعبية، يتناول التقرير التحديات التي تواجهها الحكومات في تحقيق العدالة الاجتماعية ويطرح مجموعة من الأسس لتوجيه المشاركة نحو تحقيق الأهداف الملازمة لمفهوم التنمية المستدامة.
لماذا التنمية والعدالة الاجتماعية؟
ترتكز التنمية المستدامة على المسؤولية الجماعية لتعزيز الأبعاد الثلاثة للتنمية وهي التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، وحماية البيئة على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والعالمي، بحسب تعريف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الذي وُضع خلال مؤتمر قمة الأرض في ريو دي جانيرو في عام 1992.
ويشير التقرير إلى أن طرق قياس التنمية تتعدّد وتختلف. فمن المنظور الاقتصادي، تُقاس التنمية عادة باستخدام الناتج المحلي الإجمالي لمقارنة البلدان من حيث أدائها الاقتصادي ووضعها الإنمائي. والناتج المحلي الإجمالي هو مؤشر هام يقيس القدرة الاقتصادية، ويعطي صورة عامة عن رفاه المجتمع ككل. وقياس التنمية باستخدام الناتج المحلي الإجمالي لم يكن بمنأى عن الانتقادات، لأنّ هذا المؤشر
لا يكفي لقياس عناصر هامة تحدّد نوعيّة الحياة التي يعيشها الأفراد. ومن أهم النواقص التي تؤخذ على هذا المؤشر أنّه يقتصر على قياس نشاط السوق، كما ويقلّل من قيمة الخدمات التي تقدمها الحكومة أو أفراد العائلة من غير مقابل، بالإضافة إلى أنه يُغفل التكاليف البيئية التي لا تدخل في أسعار السوق ولا يبيّن مدى الإنصاف في توزيع الدخل أو الثروة. فارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مثلاً قد لا يعني تحسّناً تلقائياً في الحد من عدم المساواة، بل أحياناً تدهور في وضع فئات واسعة من السكان.
وفي إطار الأهداف الإنمائية للألفية الثمانية، يُقاس التقدم باستخدام مجموعة محدّدة من المؤشرات التي تقيس عناصر معيّنة تحدد نوعية حياة الأفراد. وتمثّل الأهداف الثمانية (القضاء على الفقر المدقع والجوع، تحقيق تعميم التعليم الابتدائي، تعزيز المساواة بين الجنسين، تخفيض معد وفيات الطفل، تحسين الصحة النفاسية، مكافحة فيروس المناعة البشرية، كفالة الاستدامة البشرية، إقامة شراكة عالمية) التزاماً قوياً وغير مسبوق تعهّدت بموجبه الحكومات من مختلف أنحاء العالم بتحقيق تقدم اجتماعي قابل للقياس. غير أن عملية رصد هذا التقدّم تستند إلى متوسطات وطنيّة، فتبقى الأهداف الإنمائية قاصرة عن قياس الفوارق في توزيع الموارد، وعن قياس حالات الحرمان المزمن والمتراكم، مثل حالات الأسر الفقيرة المحرومة من التعليم، أو من الرعاية الصحية، أو من المياه.
ويتضمن تقرير الإسكوا إشارة إلى نُهُج حديثة أخرى لقياس التقدم الاقتصادي والاجتماعي دعت إلى مزيد من التركيز على بعد رفاه الإنسان وقدرته على عيش حياة صحية ولائقة. وعلى أساس مفهوم التنمية الذي يعني الحرية، تقترح هذه النهج الاعتماد على مؤشرات موضوعية مثل الدخل، وفرص العمل، والصحة، والتعليم، جنباً إلى جنب مع مؤشرات أخرى مثل إعلاء صوت الأفراد وقدرتهم على التغيير والتمتع بالسعادة. وتشكّل العدالة حيال حياة الأجيال المقبلة، التي تتمثل في مفهوم الإنصاف بين الأجيال، عنصراً هاماً من عناصر العدالة الاجتماعية.
ويقوم أحدث اقتراح لوضع تصوّر للعلاقة بين العدالة الاجتماعية والتنمية على مفهوم التماسك الاجتماعي. وهو يركّز على أنّ النمو المستدام يتطلب إشراك كل فئات المجتمع في التصور الأشمل للمجتمع، والتوزيع العادل للدخل والفرص، والاستثمار في التعليم والصحة، ودعم الأفراد ليعبروا عن تطلعاتهم، وتحقيق المساءلة الاجتماعية والحراك الاجتماعي نحو الأفضل.
وحلقة الحوار الوزارية حول "دور المشاركة والعدالة الاجتماعية في تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة" ستعقد يوم الأربعاء في 9 أيار/مايو 2012 من الساعة 11:00 صباحاً حتى الساعة 13:00 بعد الظهر. وسيُدعى للمشاركة فيها إعلاميون يتابعون موضوع التنمية الاجتماعية.