أمام المنطقة العربية "فرصة سانحة" لها، إن استغلّتها، أن تسهم بشكل كبير في تنميتها الاجتماعية والاقتصادية على حدٍ سواء. وتتلخّص هذه الفرصة بازدياد عدد الشباب، الذين يشكّلون الشريحة الأكبر من المجتمعات العربية حالياً. فقد شهدت المنطقة العربية زيادة غير مسبوقة في عدد الشباب (ولا سيّما من الفئة العمرية 15-24) الذي ارتفع من 33 مليون نسمة في العام 1980، إلى 66 مليون نسمة في العام 2005، أي ما يوازي 20.6 بالمائة من مجموع السكان. وتشير التوقعات إلى احتمال ارتفاع هذا العدد إلى 78 مليوناً بحلول العام 2020. وترتبط هذه الطفرة بحسب تقرير "الأهداف الإنمائية للألفية في المنطقة العربية 2007: منظور شبابي"، بالتطور الديموغرافي الذي شهدته المنطقة منذ ثمانينات القرن الماضي.
قد يبدو من منظور اقتصادي أنّ هذه الزيادة تمثّل تحدياً أمام الحكومات، التي يتعيّن عليها أن توفر المزيد من فرص التعليم والعمل، مما يطرح بعض المخاطر المالية، ولا سيّما بالنسبة للبلدان التي تثقل كاهلها الديون أصلاً، كلبنان والأردن. إنمّا من ناحية أخرى، تحمل هذه الطفرة أيضاً فرصة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على المديين القصير والبعيد. وهي تشكّل فرصة سانحة بحقّ إذا ما نجحت السياسات الاقتصادية والاجتماعية في ضمّ هذه الفئة من المجتمع وإطلاق العنان بالتالي لإمكاناتها. والجدير بالذكر، أنّ صغار السن في المنطقة العربية أفضل تعليماً من ذي قبل. ولهذا التغيير أثر إيجابي على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية بشكل عام، ولا سيما إذا نجحت السياسات العربية في خلق ظروف مؤاتية وبيئة سياسية تشجع على الادخار، والاستثمار، والابتكار، واستحداث الوظائف.
يعتمد النجاح في تطبيق الأهداف الإنمائية للألفية في المنطقة العربية إلى حدٍ بعيد على الاستجابة لحاجات الشباب. وتظهر الفوارق بين الدول العربية أهمية تكثيف التعاون الإقليمي في هذا المجال، إضافة إلى التعاون بين دول الجنوب. للاستثمار في الارتقاء بمستوى تربية الشباب وتشجيعهم على المشاركة في التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، قدرة على تحسين نوعية حياة شباب اليوم، وعلى ترك بصمة في أجيال الغد أيضاً. ومن جهة أخرى، عدم تقدير هذه الثروة البشرية سيؤدي إلى تبديد مورد ثمين من موارد الطاقة البشرية وتعريض الاقتصادات إلى مزيد من البطالة وعدم الاستقرار.