عندما قدّم الخبير الاقتصادي فريتز ماشلوب مفهوم صناعة المعرفة في العام 1962، ميّز بين خمسة ميادين لهذا القطاع، هي: التعليم، والبحوث والتطوير، والإعلام، وتقنيات المعلومات، وخدمات المعرفة. وبناء على هذا التصنيف، توصّل إلى أنّه بحلول نهاية الخمسينات من القرن الماضي، سوف ينتج جزء كبير من إجمالي الناتج القومي في البلدان المتقدمة، ولا سيّما الولايات المتحدة الأميركية، من صناعات المعرفة. وفي وقت لاحق، اعتبر الكاتب والمفكر في ميدان الأعمال بيتر دراكر أنّ الاقتصاد يتحوّل من اقتصاد يقوم على البضائع المادية إلى آخر مبني على المعرفة.
وتبيّن بعد ذلك أنّ هذا التحول أضحى حقيقة، خُطّت على مثال العالم الذي خلقها. ففتحت مجتمعات المعرفة الباب أمام "الفجوة الرقمية" التي تفصل بين البلدان الفقيرة والغنية وتولّد فجوة مطّردة الاتساع بين المعرفة والجهل تنتج عنها هوة تنموية. عند بداية القرن الحالي، أيّدت الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال قرارها رقم 183/56، الصادر في 21 كانون الأول/ديسمبر 2009، عقد القمة العالمية لمجتمع المعلومات على مرحلتين، مع إيلاء الدور الريادي في هذا المجال للاتحاد الدولي للاتصالات بالتعاون مع غيره من المنظمات والشركاء المعنيين. وقد كلّفت القمة العالمية لمجتمع المعلومات بإيجاد السبل لتقليص هذه الفجوة العالمية عبر توسيع رقعة انتشار الإنترنت في العالم النامي. ونظّمت المرحلة الأولى للقمة في جنيف من 10 إلى 12 كانون الأول/ديسمبر 2003، بينما عقدت المرحلة الثانية في تونس من 16 إلى18 تشرين الثاني/نوفمبر 2005. وأعلنت القمة يوم 17 أيّار/مايو من كل عام اليوم الدولي لمجتمع المعلومات.
مرحلة جنيف: 10-12 كانون الأول/ديسمبر 2003
كان الهدف من هذه المرحلة إعداد إعلان عالمي واضح يعبّر عن إرادة سياسية جامعة ودعمه، فضلاً عن اتخاذ خطوات ملموسة لإرساء أسس مجتمع معلومات للجميع يعبّر عن مصالح عامة الشعوب. وخلصت قمة جنيف إلى "إعلان مبادئ" و"خطة عمل" اعتمدهما أكثر من 11 ألف مشارك من 175 بلداً، حضروا القمة والأحداث التي أقيمت على هامشها.
إعلان مبادئ جنيف
نحن ممثلي شعوب العالم وقد اجتمعنا في جنيف من 10 إلى 12 ديسمبر 2003 للمرحلة الأولى من القمة العالمية لمجتمع المعلومات، نعلن رغبتنا المشتركة والتزامنا المشترك لبناء مجتمع معلومات جامع هدفه الإنسان ويتجه نحو التنمية، مجتمع يستطيع كل فرد فيه استحداث المعلومات والمعارف والنفاذ إليها واستخدامها وتقاسمها، ويتمكن فيه الأفراد والمجتمعات والشعوب من تسخير كامل إمكاناتهم للنهوض بتنميتهم المستدامة ولتحسين نوعية حياتهم، وذلك انطلاقاً من مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والتمسك بالاحترام الكامل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. |
مرحلة تونس: 16-18 تشرين الثاني/نوفمبر 2005
رمت المرحلة الثانية إلى دفع خطة عمل جنيف باتجاه التطبيق. كما سعت إلى إيجاد حلول والتوصل إلى اتفاقات في ميادين إدارة الإنترنت وآليات التمويل ومتابعة تنفيذ وثائق جنيف وتونس. وشهدت القمة والأحداث التي عقدت على هامشها مشاركة ما يربو على 19 ألف شخص من 174 بلداً، منهم رؤساء دول وحكومات ونوابهم ووزراء ونوابهم.
"الإسكوا" والقمة العالمية لمجتمع المعلومات
وقد اضطلعت "الإسكوا" بدور ريادي في العملية التحضيرية للقمة في غربي آسيا منذ إطلاقها. فقد نظمت في بيروت في بداية العام 2003 وقبل انعقاد قمة جنيف "مؤتمر غربي آسيا التحضيري للقمة العالمية لمجتمع المعلومات"، تم خلاله تعزيز مفهوم مجتمع المعلومات وما يتضمنه، وتحديد الاحتياجات الوطنية والإقليمية وأولوياتها. وخلص المؤتمر إلى وثيقة "إعلان بيروت"، التي رفعت إلى الاجتماع التحضيري الثاني للقمة العالمية لمجتمع المعلومات، الذي عقد في جنيف بين 16 و28 شباط/فبراير 2003. كما شكّلت هذه الوثيقة، إلى جانب الوثائق التي انبثقت عن المؤتمرات الإقليمية الأربعة الأخرى، الأساس لوثيقة العمل التي نتج عنها إعلان المبادئ وخطة العمل. وخلال الربع الأخير من عام 2004 وضمن الأنشطة التحضيرية للمرحلة الثانية من القمة في تونس، وتماشياً مع توصيات جنيف، نظمت "الإسكوا" في دمشق "المؤتمر الإقليمي التحضيري الثاني للقمة العالمية لمجتمع المعلومات - الشراكة في بناء مجتمع المعلومات العربي"، نتج عنه "نداء دمشق" نحو شراكة من أجل بناء مجتمع المعلومات العربي، وكذلك "خطة العمل الإقليمية لبناء مجتمع المعلومات" (E/ESCWA/ICTD/2004/4).
ضماناً لاستمرارية العمل وزيادة وتيرته من أجل تنفيذ خطة عمل جنيف وبرنامج عمل تونس، تعقد "الإسكوا" مؤتمراً حول "متابعة تنفيذ مقررات القمة العالمية لمجتمع المعلومات في غربي آسيا"، بين 16و18 حزيران/يونيو 2009، في دمشق. ويهدف الاجتماع إلى مراجعة ما تم تنفيذه من مقررات القمة العالمية لمجتمع المعلومات؛ وتحديد مشاريع جديدة من أجل إدراجها في خطة العمل الإقليمية وغيرها من خطط العمل؛ وتحديث وثيقة خطة العمل الإقليمية واقتراح توصيات من أجل تحسين وتحديث الاستراتيجيات وخطط العمل المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذلك في ضوء التجارب المتراكمة.
لمزيد من المعلومات حول الاجتماع، يرجى زيارة الموقع التالي: