بيانات صحفية

5 آذار/مارس 2014

بيروت

التكامل الاقتصادي العربي رافد من أجل العمران الناهض
760 مليار دولار زيادة في الناتج المحلي الإجمالي، و 6 ملايين فرصة عمل جديدة حصيلة التكامل الاقتصادي الشامل

في 25 شباط/فبراير 2014، أطلقت الدكتورة ريما خلف، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا من تونس تقريراً لافتاً تحت عنوان "التكامل العربية: سبيلاً لنهضة إنسانية" بمشاركة فخامة رئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي ورئيس الوزارء اللبناني السابق نجيب ميقاتي وبحضور جمع من القيادات السياسية والاقتصادية والفكرية والشخصيات العامة. وللمناسبة، وُزّع على الحضور وعلى مندوبي وسائل الإعلام الذين شاركوا في مراسم إطلاق التقرير ملف إعلامي نعيد نشر مضمونه على خمس مراحل وذلك لأهمية المواضيع التي يتطرق إليها التقرير. بيروت، 5 آذار/مارس 2014 (وحدة الاتصال والإعلام)-- فرص كثيرة تزخر بها المنطقة للتكامل المثمر، فتواجه التحديات المزمنة والناشئة كتلة واحدة، أسوة بكيانات كثيرة شهد نشأتها العالم وحققت مكاسب اقتصادية واجتماعية جمة لجميع أجزائها. ولكن محاولات استثمار هذه الفرص لم تنجح في دفع عجلة التكامل الاقتصادي إلى المستوى الذي ينشده المواطنون العرب، والذي تحقق في مناطق أخرى من العالم. وحسب تقرير «التكامل العربي: سبيلاً لنهضة إنسانية » يشي «تعثر محاولات التكامل الاقتصادي إما بخلل في السياسات ذاتها أو في أسلوب تطبيقها. » إمكانات هائلة وإنجازات لم ترقَ دائماً إلى المستوى المنشود. هذه هي باختصار الصورة التي يعطيها التقرير عن التكامل الاقتصادي العربي. وفي قراءة تحليلية لأسباب تعثر مسرة التكامل الاقتصادي، يتناول التقرير سياسات التكامل الحالية، بما فيها من تركيز على تحرير التجارة السلعية وتحديداً إزالة الرسوم الجمركية وإهمالٍ لعوائق أخرى تقيّد التبادل التجاري كتكاليف النقل المرتفعة أو القيود غير الجمركية؛ ويستعرض الفوائد المتوقعة من تجاوز الطابع التجاري الدقيق نحو تكامل اقتصادي واسع يحرر انتقال القوى العاملة ولو جزئياً، ويشمل السلع والخدمات، ويعمل على إزالة جميع المعيقات التي ما زالت تكبل حركة السلع ورأس المال بين الدول العربية. ويجري التقرير مقارنة بين المسارين على المتغيرات الاقتصادية الأساسية كالدخل والبطالة والرفاه. ونظراً لضعف التجارة البينية العربية وارتفاع تكاليفها وكثرة المعيقات الفنية والإدارية التي تجابهها، لن يتمكن التكامل الاقتصادي وفق المشروعات الحالية من إحداث تحول جذري وهيكلي في بنية الاقتصادات العربية، وإن كان استكمال المشروعات القائمة يعدّ شرطاً وأساسًا للتوسع في التكامل الاقتصادي مستقبلاً، ومحركاً فاعاً للتكامل في مجالات أخرى. ويستند التقرير إلى دراسات عديدة ونماذج اقتصادية متطورة لتقديم تقديرات قياسية وبيانية لأثر تعميق التكامل الاقتصادي العربي مقابل ما ستكون عليه هذه المؤشرات إذا استمرت الأوضاع الراهنة عى حالها. ويقترح سيناريوهات محتملة لمسارات استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وإنشاء اتحاد جمركي عربي، ويقارنها بمسارات أخرى تشتمل على تحرير تجارة الخدمات، وتحسين سلاسل الإنتاج وتخفيض تكاليف النقل، وزيادة نسبة القوى العاملة العربية من مجموع القوى العاملة الوافدة إلى البلدان العربية. وحصيلة هذه السيناريوهات أن استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكرى يؤدي إلى بعض الأرباح لجميع البلدان العربية ولكن بمستويات مختلفة. أما إنشاء الاتحاد الجمركي العربي بحلول عام 2015 ، عى أهميته وضرورته في التمهيد للتكامل الأوسع، فلا يحمل منافع حاسمة لجميع البلدان العربية مما يشير، حسب التقرير، إلى أهمية الاتفاق على آليات لتوزيع المداخيل الجمركية بين البلدان العربية، وإنشاء آليات لتعويض البلدان الأقل استفادة من الاتحاد، ومساعدة القطاعات التي قد تتضرر من هذا المشروع. وهنا لا تكفي السيناريوهات الاقتصادية وحدها على أهميتها الدلالية، بل «يصبح القرار رهن الإرادة السياسية. » ويستدرك التقرير أن خيار استكمال منطقة التجارة الحرة أو إنشاء الاتحاد الجمركي العربي تحكمه اتفاقات دولية وإقليمية. وهنا، تبرز اتفاقات التجارة التفضيلية التي التزمت بها الدول العربية مع دول وتجمعات اقتصادية عديدة خارج المنطقة العربية كعائق أول، خصوصاً عندما تُعتمد في إطار الاتحاد الجمركي تعريفات جديدة تغيّر في المزايا التفضيلية لتلك الدول الأخرى، والتي قد تلجأ إلى المطالبة بتعويض الأضرار إو إعادة التفاوض حول تلك الاتفاقات. ولإبراز أهمية التوسع في التكامل الاقتصادي إلى ما يتجاوز تحرير التجارة وإنشاء الاتحاد الجمركي، يقدم التقرير سيناريو إضافيا تُخفض بموجبه تكاليف النقل على التجارة العربية تدريجياً ويُستبدل جزء من القوى العاملة الوافدة مستقبلاً من خارج المنطقة العربية بقوى عاملة من المنطقة. إضافة هذين الإجراءين للاتحاد الجمركي كفيلة بتحقيق نمو إضافي في الناتج المحلي العربي يعادل 3 في المائة في عام 2020 ، وبخفض البطالة في صفوف القوى العاملة بنسبة تفوق 4 في المائة. وتعادل نسبة النمو الإضافي عند تراكمها 760 مليار دولار إضافي في الدخل العربي أي ما يتجاوز ما أنتجته جميع الدول العربية في شمال أفريقيا مجتمعة في عام 2013 . وتظهر نسبة الانخفاض في البطالة في خلق ستة ملايين فرصة عمل جديدة، تسهم في تحقيق مستويات أعلى من الرفاه الإنساني لجميع العرب، وتساعد في مكافحة آفتي الفقر والبطالة في جميع البلدان، اللتين كانتا الدافع الرئيي للانتفاضات العربية. وكان اللافت أن إجراءات التكامل الإضافية هذه «تعود بالنفع الكبير على جميع الدول العربية، غنيها وفقيرها، الأمر الذي يبدد الانطباع السائد بأن التكامل العربي يساعد الأقل نموا على حساب الأكثر ثراءً. » وهذه السيناريوهات المقترحة الإرشادية، تكفي للدلالة على أن خيار التكامل الاقتصادي العميق والشامل أصبح ضرورة. وفي نتائج التحليل، حسب التقرير، ما يدعو إلى وجوب تجاوز مسار التشتت، في التجارة والاستثمار والنقل والتنقل، وسوق العمل، والبنية التحتية، بحزمة من أدوات التكامل تنطلق من إرادة سياسية تجعل من التكامل الاقتصادي الحقيقي دعامة للعمران الناهض، ورافداً لتنمية حقيقية مستدامة. ولو نجح التكامل العربي في الاقتصاد، لعزز قدرة الدول العربية على التعامل مع مشروعات التكامل الإقليمي البديلة التي تطرحها دول وكتل خارجية سعياً وراء مصالحها الاقتصادية والسياسية، فتفتكّ من القواسم المشتركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للوطن العربي، وتخلق حالة من التنافس السلبي بين الدول العربية تعوق تقدمها وتضرّ بمصالحها وفرصها المستقبلية في الحرية والنماء. والدول العربية مدعوة، إزاء هذا الواقع، إلى أن تخلق لنفسها مجالا اقتصاديا حيويا باتخاذ خطوات جذرية وسريعة من أجل الوصولإلى تكامل اقتصادي عميق وشامل يحقق مكاسب اقتصادية واجتماعية لشعوب المنطقة، ويضمن لها مكانة بين التكتلات الإقليمية التي أصبحت توجه منظومة الاقتصاد العالمي وتسهم في رسم مستقبل بنيانه ومؤسساته الدولية. ويرى التقرير في المنطقة مقومات اقتصادية كامنة يمكن توظيفها من أجل الدفع بتحرير التجارة في الخدمات، وانتقال رؤوس الأموال،وانتقال القوى العاملة، وتطوير سلاسل الإنتاج الإقليمية، وغيرها من الشروط المطلوبة لقيام مشروع اقتصادي متكامل يتخذ من تعميقالتكامل الاقتصادي العربي هدفاً له ووسيلة. وإذا كان في النظرية الاقتصادية والواقع المعيشي والاقتصادي ما يبرر هذا التصحيح، فليس فيهما ما يكفي للتطبيق. فالتطبيق يتطلب إرداة سياسية «تغلّب المصالح الكلية عبر الوطنية، ففي هذا المسار نجحت تجمّعات أخرى في العالم وحجزت لنفسها مكاناً في معادلة السوق والقرار. » فمن أين تبدأ الدول العربية حتى تملك هذا الاستعداد؟ سؤال للغد القريب، يطرحه تقرير «التكامل العربي » لا بدّ من الإجابة عنه.

arrow-up icon
تقييم