أخبار
21 أيلول/سبتمبر 2012
الأمينة التنفيذية لصحيفة النهار اللبنانية: زعزعة إيمان المسلمين بدينهم غير ممكنة/ سوريا يلزمها 7 أعوام كي تعود إلى ما كانت عليه عام 2010
Rima-Khalaf--1.jpg
الصورة بعدسة ناصر الطرابلسي
الرابط الإلكتروني
http://www.annahar.com/article.php?t=mahaly&p=1&d=24855
ريما خلف لـ"النهار:" زعزعة إيمان المسلمين بدينهم غير ممكنة
سوريا يلزمها 7 أعوام كي تعود إلى ما كانت عليه عام 2010
ربما هي من القلائل الذين قرأوا "الربيع العربي" قبل ان يبدأ. عام 2002، كانت وكيلة الامين العام للأمم المتحدة الأمينة التنفيذية لـ"الإسكوا" ريما خلف تثير مع آخرين جدلا واسعا عبر تقرير التنمية الانسانية عن العالم العربي والذي حذر من "الخراب الآتي" في حال احجمت الدول العربية عن الانتقال نحو الحكم الديموقراطي. وباتت اليوم احدى اكثر النساء العربيات تأثيراً في المنظمة الدولية ممسكة بالقضايا المنبثقة من هذا الربيع من خلال تمثيلها للامين العام للامم المتحدة وترؤسها للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، منذ زهاء عامين.
في مكتبها في مركز الامم المتحدة وسط بيروت، تعيد خلف "بوصلة" اصوات التشدد العربي الى نقطة الاعتدال. وفي اول حديث شامل تدلي به الى "النهار" منذ تعيينها في منصبها، ترد على المواقف التي رافقت الفيلم المسيء الى الاسلام، مؤكدة ان "احداً لا يمكنه ان يزعزع ايمان مليار ونصف مليار مسلم بدينهم" ومذكرة بان قتل الانفس البريئة "غير مقبول قانونا وعرفا وشرعاً". وفيما تتوقع "زميلة" الاخضر الابرهيمي وبطرس بطرس غالي وغيرها من العرب الذين برزوا في الامم المتحدة ان ينعكس "انجاز" حكم ديموقراطي في مصر على بقية الدول العربية، تشيد بالمبادرة الرباعية التي طرحتها القاهرة لحل الازمة السورية، والتي تجمع "الاطراف الاقليمية المتأثرة والمؤثرة على الطاولة نفسها"، مبدية "بعض القلق" من أن يؤدي صعود التيارات الاسلامية الى الحد من الحريات الشخصية. ونائبة رئيس الوزراء الاردني السابقة التي تعيد التذكير بأولوية حل القضية الفلسطينية لتحقيق الاستقرار، تتناول الازمة السورية على خلفية الدراسات التي تعمل عليها "الاسكوا" . وخلاصتها "اذا بدأ الانتقال الى حكم ديموقراطي اليوم، فيلزمنا 7 اعوام كي تعود سوريا الى ما كانت عليه على مستوى الانتاج عام 2010".
وفي ما يأتي نص المقابلة:
¶ هل عززت اعتداءات ليبيا المخاوف التي اعربت عنها حيال صعود التيارات الإسلامية بعدما عكس فوز الليبراليين مشهداً آخر؟
- لم أعرب عن قلق شديد بشأن صعود التيارات الإسلامية، وإن كنت أتفهم دوافعه. صعود هذه التيارات ظاهرة تأتي في خضم التحول الديموقراطي. فهناك قلق لدى البعض من أن يؤدي ذلك إلى الحد من الحريات الشخصية وتقليص حقوق المرأة، إلا أن الأحزاب الإسلامية التي وصلت إلى السلطة في المغرب وتونس لم تفعل ذلك ولم تخل بتعهداتها في هذا الشأن. الانتقال إلى الديموقراطية أساساً صعب ولا سيما في مراحله الأولى. في النهاية، الغالية ستسود، والتيارات المتطرفة إجمالاً تمثل أقلية في الدول العربية.
أما بالنسبة الى اعتداءات ليبيا، فكثر اعتبروا أن شريط الفيديو الذي أنتج يسيء إلى الإسلام. لكن أحداً لا يمكنه أن يزعزع إيمان مليار ونصف مليار مسلم بدينهم. منتج الشريط كان يستجدي رد الفعل الذي حصل في ليبيا والذي يسيء إلى المسلمين. يحق للناس الاحتجاج والإدانة ولكن قتل نفس بريئة غير مقبول قانوناً وعرفاً وشرعاً. ونحمي ديننا من خلال تصرف أخلاقي ينسجم وروح الإسلام.
¶ خاضت مصر أول تجربة على مستوى ضم "الإخوان المسلمين" إلى العملية السياسية. ما هو تقويمك لهذه التجربة؟
- يمثل فوز محمد مرسي وإجراء الانتخابات البرلمانية رغم حل مجلس الشعب لاحقاً نقلة نوعية للعالم العربي. سقطت النظرية الغربية القائلة بإن هناك استثنائية عربية. فثمة من اعتبر أن العرب وبحكم دينهم وتنشئتهم لا يتواءمون مع الحكم الديموقراطي، وهي نظرية كانت مريحة أيضاً للحكام العرب الذين يحاولون الحفاظ على سلطتهم. إلا أنه تبين أن العرب مثلهم مثل بقية الشعوب تواقون إلى الحرية وقادرون على إقامة نظم الحكم الصالح. لكن هذا لا يعني أن كل الإشكاليات انتهت. فثمة حلف غير معلن بين القوى الداخلية المضادة للثورة والقوى الخارجية التي تجد في الحكم الديموقراطي في العالم العربي تناقضا مع مصالحها. سيمر الانتقال إلى الحكم الديموقراطي بعقبات لكنه سيستكمل في كل الدول العربية.
¶ هل تدخل مصر مرحلة إنماء طويلة الأمد بعد هذا التغيير التاريخي؟
- في مصر ثروة بشرية هائلة رغم ان نسبة الأمية ما زالت مرتفعة.
أعاق التنمية سابقاً سوء الإدارة الاقتصادية والتزاوج بين الثروة والسلطة. أتوقع أن تخطو القاهرة خطوات واسعة في اتجاه التنمية.
¶ تسعى القاهرة إلى استرداد دورها الخارجي. برز ذلك أخيراً عبر المجموعة الرباعية التي تضمها مع ايران وتركيا والمملكة العربية السعودية لحل الأزمة السورية.
- كانت السياسة الخارجية المصرية مقيدة بتحالفاتها الخارجية لكنها تحررت. بدأنا نرى دوراً يتسم بالاستقلالية وتأكيداً للمصالح العربية. من الصعب الحكم على نسبة نجاح المبادرة، إلا انه يجب الإشادة بها . فالأطراف الإقليمية المتأثرة والمؤثرة بالأزمة ستجلس الى الطاولة نفسها في مسعى إلى إيجاد حل.
¶ يعارض البعض مشاركة إيران؟
- لطهران دور لا يجوز تجاهله. فكما يمكنها أن تساهم في إيجاد حل للأزمة يمكنها أن تعوقه.
¶ هل ينجح الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الأخضر الابرهيمي حيث فشل كوفي أنان؟
- أقدر للابرهيمي موافقته على المهمة مع إدراكه لحجم الصعوبات. هو يبني على ما قام به أنان. هناك أطراف دولية، وخصوصا إسرائيل، تريد ربما استمرار الاقتتال الداخلي.
¶ كيف انعكست هذه الأزمة على عمل " الإسكوا"؟
- نجري مشاريع تقويم للخسارة البشرية والمادية المترتبة عن الأزمة ونعد تصوراً عن كيفية إعادة إعمار سوريا بالتعاون مع مفكرين سوريين من كل الأطياف السياسية. الخسارة كبيرة جداً وإذا بدأ الانتقال إلى حكم ديموقراطي اليوم، فيلزمنا 7 أعوام كي تعود البلاد إلى ما كانت على مستوى الإنتاج عام 2010.
¶ أشرتِ إلى تجارب ناجحة لتمكين المرأة في المغرب؟
- تخوف البعض من أن يقوّض صعود التيارات الإسلامية حقوق المرأة انطلاقاً من بعض المؤشرات، كتراجع نسبة مشاركتها في مصر، ودعوة بعض الغلاة إلى إلغاء القوانين الممكنة لها. تم التركيز على الصورة الصغرى. ففي المغرب ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في الانتخابات الأخيرة من 11 إلى 17 في المئة، كما قررت المغرب، وكذلك تونس، سحب تحفظاتها العامة عن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وهو إنجاز كبير.
¶ هل قرأت قدوم "الربيع العربي" من خلال عملك سابقاً على تقرير التنمية الإنسانية في العالم العربي؟
- تضمّن التقرير تحليلاً معمقا لأسباب التأخر التنموي في البلدان العربية بإشارته إلى 3 نواقص هي النقص في الحرية والمعرفة وتمكين المرأة. واعتبر ان الوضع الراهن غير قابل للاستمرار راسما 3 سيناريوات ضمنها تحقيق الازدهار الإنساني عبر تحول تدريجي نحو الحكم الصالح. انتقلت تونس ومصر إلى التحول الديموقراطي من خلال السيناريو الأول، فيما بدا العنف السمة الرئيسية في ليبيا وسوريا. وهناك حركات شعبية ما زالت تناضل بشكل سلمي من أجل الحرية والعدالة مثل الأردن والبحرين.
¶ بدا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون متفائلاً عشية زيارته لبنان مطلع السنة حيال المحادثات برعاية عربية ودولية في الأردن. إلا أن الأشهر اللاحقة بددت هذا التفاؤل ولا سيما عبر فشل العضوية الفلسطينية في الأمم المتحدة؟
- لن تتغير الظروف بين ليلة وضحاها. لكننا بدأنا نلمس تبدلاً في مواقف بعض الدول العربية التي باتت مضطرة الى الاستجابة لمواقف شعوبها من القضية الفلسطينية. يجب معالجة المسببات وهي احتلال الأراضي العربية ووجود اللاجئين وانتهاك حقوق الفلسطينيين.
¶ مشكلة اللاجئين تصيب لبنان مباشرة. كيف قرأت السجال الداخلي حيال حقوقهم ومخاوف التوطين؟
- الحق الأول للفلسطينيين هو في العودة إلى ديارهم. وإلى أن يتحقق، هناك حقوق للاجئين لجهة توفير سبل العيش الكريم والمنتج لهم. نتمنى ألا يتسبب ذلك بإشكال لبناني داخلي ولدينا ثقة بقدرة القادة اللبنانيين على تجاوز ذلك.
¶ أعلنت "الإسكوا" قبول عضوية دول جديدة فيها على خلفية "الربيع العربي". إلام تدلل هذه الخطوة؟
- انضمت إلينا 3 دول جديدة هي ليبيا وتونس والمغرب. وهذه خطوة أولى نحو توسيع "الإسكوا" كي تشمل كل الدول العربية، فيتولى جهاز ضمن الأمم المتحدة متابعة شؤون هذه الدول.