الأمم المتحدة تطلق تقرير "حالة وآفاق اقتصاد العالم 2012" في بيروت
بيروت، 18 كانون الثاني/يناير 2012 (مركز الأمم المتحدة للإعلام) -- أطلق مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم في بيت الأمم المتحدة تقرير "حالة وآفاق اقتصاد العالم 2012".
أفاد مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت بهاء القوصي في كلمته الافتتاحية بأن التقرير السنوي يعتبر من أهمّ إصدارات الأمم المتحدة في مجال الاقتصاد وأنه نتاج مشترك بين إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، واللجان الاقتصادية الإقليمية الخمس في الأمم المتحدة، والتي من بينها الإسكوا. ويوفر التقرير لمحة عامة عن الأداء الاقتصادي العالمي وآفاقه على الأجل القصير، بالإضافة إلى بعض السياسات الرئيسية الاقتصادية العالمية وقضايا التنمية.
وأشار القوصي إلى أن التقرير يحذّر من تزايد مخاطر حدوث انكماش عالمي بسبب استمرار ارتفاع معدلات البطالة، وأزمة الديون في منطقة اليورو، والتقشف المالي السابق لأوانه. هذا وقد خفضت الأمم المتحدة بدرجة كبيرة التوقعات التي كانت لديها قبل ستة أشهر، وهي تتوقع الآن، في أحسن الأحوال، أن يسير الاقتصاد العالمي "متعثراً" مع وصول نمو إجمالي الناتج العالمي إلى 2.6 في المائة لعام 2012 و 3,2 في المائة لعام 2013، بعد أن كان 4,0 في المائة عام 2010.
وفي عرض للتقرير، قال مدير إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة في الإسكوا عبد الله الدردري أن الأداء الاقتصادي في عام 2011 تميز بالضعف والهشاشة نتيجة تراجع الدول المتقدمة عن سياسات التحفيز الاقتصادي التي اعتمدتها في مواجهة الأزمة المالية العالمية ونزوعها الشديد نحو السياسات التقشفية، مما أدى إلى ضعف في الطلب الداخلي والاستثمار والتشغيل وبما يهدّد الهدف الرئيسي للتقشف، وهو معالجة العجز في الموازنات.
وقال الدردري إن تقرير هذا العام يرى أيضا إن سيناريو النمو المتعثّر، والذي قد يبلغ 2,6 في المائة في الناتج العالمي لعام 2012، يهدّد بأربعة مخاطر أساسية، وهي أولا عدم السيطرة على أزمة الديون السيادية في أوروبا؛ وثانيا تدهور جديد في أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية؛ وثالثا عدم قدرة الدول المتقدمة على تنسيق سياساتها الاقتصادية وخصوصا في تمويل حزم التحفيز ومعالجة الخلل في التوازنات المالية العالمية، ورابعا عدم توصل الكونغرس الأميركي إلى اتفاق بتجديد العمل بحزمة التشغيل والنمو لما بعد 1 آذار/مارس 2012.
وأضاف الدردري أن تحقُّق أي من هذه المخاطر سيؤثر سلبا على المخاطر الأخرى ويؤدي إلى تدهور النمو إلى 0.5 مما سيجعل من المستحيل معالجة الفجوة الكبيرة في التشغيل التي يواجهها الاقتصاد العالمي اليوم والبالغة 65 مليون فرصة عمل، وفقا لما ورد في التقرير.
وقال مسؤول الإسكوا إن التقرير يسلط أيضا الضوء على عوامل الخلل في الاقتصاد العالمي، وهي تراجع في نمو الدول المتقدمة، وتباطؤ نمو الدول النامية - بما فيها الصين والبرازيل، وتراجع في معدلات التجارة العالمية، وتراجع في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول النامية، وتذبذب شديد في أسواق الصرف العالمية.
ويرى التقرير أن عمل الاقتصادات المتقدمة التخلي عن سياسات التقشف الشديد والاستفادة من الهامش المالي المتاح لبعض منها في تمويل حزم تحفيز واسعة في دول العجز بهدف تعزيز الطلب الداخلي، ومن ثم الاستثمار والتشغيل، على أن يكون الاستثمار العام في البنى التحتية ذا نوعية عالية تؤدي إلى مضاعف عال في التشغيل. وقد أثبتت التجربة والبيانات المتاحة أن سياسات التقشف لم تؤد إلى خفض عجز الموازنات في الدول التي طبقتها.
أما منطقة غرب آسيا، فقد أشار مدير إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة في الإسكوا إلى أن الدول المصدرة للنفط حققت معدلات نمو عالية تجاوزت 7 في المائة في عام 2011 بسبب ارتفاع أسعار النفط وحزم التحفيز الكبيرة التي نُفّذت لمواجهة الاضطرابات السياسية الإقليمية وآثار الأزمة العالمية. أما مجموعة الدول ذات الاقتصاد المتنوع، فقد انخفض النمو فيها من حوالي 6 في المائة عام 2010 إلى 0.3 في المائة في عام 2011 بسبب الأوضاع الأمنية والاضطرابات السياسية، كما الحال في مصر وسورية واليمن والبحرين، وتأثّر دول مجاورة لها بأوضاعها، مثل الأردن ولبنان والعراق.
وقال الدردري أيضا إن هذا الوضع يجعل من الصعب مواجهة مشكلة البطالة، وخصوصا بطالة الشباب، التي تواجهها هذه الدول والتي تفاقمت خلال هذا العام. ومع ذلك، يتوقع التقرير عودة المنطقة إلى نمو مقبول يتجاوز 3,5 في المائة في حال عودة الاستقرار الأمني في عام 2012. وأضاف أنه من الضرورة معالجة موضوع البطالة بكافة أوجهها وتعزيز الإنفاق العام لهذا الغرض وإزالة الاحتقانات والاحتكارات التي تعرقل النشاط الاقتصادي وتنويع الهيكل الاقتصادي في الدول المستوردة للنفط والمستوردة لها.