أخبار

7 أيلول/سبتمبر 2009

الأزمة المالية وتغيّر المناخ في تقرير اقتصادي للأمم المتحدة

UNCTAD2009.JPG

نظّمت "الإسكوا" بالتعاون مع مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت مؤتمراً صحفياً لإطلاق تقرير التجارة والتنمية 2009 الذي يصدره مؤتمر الأم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) سنوياً. وتحدث في المؤتمر، الذي عُقد في بيت الأمم المتحدة، مدير المركز بهاء القوصي ورئيس شعبة التنمية الاقتصادية والعولمة في "الإسكوا"، نبيل صفوت، والخبير الاقتصادي في جامعة الأردن إبراهيم سيف.
 
وعرّف القوصي بالتقرير فقال إنه يركز على التحديات الرئيسية التي تواجه جميع البلدان النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية في مجالي التجارة والتنمية وفي القضايا المترابطة في مجالات التمويل والاستثمار والتكنولوجيا والتنمية المستدامة. كما يولي اهتماماً خاصاً بأقل البلدان نمواً مع مراعاة احتياجات البلدان النامية وأولوياتها وتجاربها والمستويات المختلفة لتنميتها. و أضاف أنّ تقرير هذا العام يحمل عنوانين فرعيين هما: "التصدي للأزمة العالمية" و"تخفيف تغيّر المناخ والتنمية".
 
 ويحللّ التقرير الآفاق الاقتصادية العالمية في إطار الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية.  كما ينظر في السياسات الضريبية والمالية والنقدية القصيرة الأمد التي أقرّت للتصدي لآثار الأزمة المالية والاقتصادية الآنية في عام 2008 وأوائل عام 2009.
 
وقال القوصي "في حين أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الراهنة، وتأثيراتها على البلدان النامية، واستجابات السياسات لتلك الأزمة، كانت في صلب الشواغل الاقتصادية منذ منتصف عام 2008، فإن ثمة شاغلا آخر ملحا بالنسبة للشعوب والحكومات في شتّى أنحاء العالم لازال يتمثل في الخطر الذي يمثله الاحترار العالمي الذي ينطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة لأحوال المعيشة وتقدم عملية التنمية. ومن هذا المنطلق، يتناول تقرير التجارة والتنمية لعام 2009 أيضا مسألة الكيفية التي يمكن بها الجمع بين زيادة الجهود الرامية إلى التخفيف من آثار تغير المناخ وانتهاج سياسات إنمائية تتطلع إلى المستقبل لتحقيق نمو سريع في البلدان النامية".
 
وقال صفوت "إن المرحلة المقبلة سوف تشهد إعادة صياغة السياسات الاقتصادية والمالية في العالم. فلا يمكن أن تقف منطقتنا موقف المشاهد بل عليها أن تشارك في هذه العملية بشكل فعال وأن تكون جزءاً من الحل". وقد ركّز صفوت في كلمته على توصيات الإسكوا المتعلقة بمساعدة البلدان الأعضاء للتصدي للأزمة المالية العالمية في المنطقة.   
 
وقد قسّم صفوت بلدان المنطقة إلى أربع مجموعات من البلدان: البلدان المصدرة للنفط والبلدان ذات الاقتصاديات متنوعة والبلدان الأقل نمواً، والبلدان التي ترزح تحت الاحتلال. وتقوم "الإسكوا" بتوفير الأرضية المناسبة للحوار والنقاش بين صانعي القرار والهيئات الدولية والاقليمية حول كيفية الخروج من الأزمة؛ وتوفير المشورة للبلدان الأعضاء على مستوى وضع السياسات حول كيفية مواجهة الأزمة المالية وإدارة مراحلها الانتقالية. لذلك عقدت اجتماعاً تشاورياً رفيع المستوى للبلدان الأعضاء في 5-7 أيار/مايو 2009 في دمشق أسفر عن تبني مجموعة من التوصيات والتدابير التي من شأنها أن تساعد هذه البلدان على إدارة الأزمة وتدارك نتائجها.
 
ومن أهم تلك التوصيات الطلب من البلدان الأعضاء اعتماد سياسة مالية توسعية مستدامة لتعزيز الطلب المحلي وتقليص فترة تباطؤ النمو الاقتصادي والإسراع من وتيرة تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية؛ وتشجيع الصناديق الوطنية والإقليمية والدولية القائمة على توفير المزيد من السيولة للبلدان الأعضاء التي تواجه أزمات سيولة؛ والسعي بقوة إلى تحقيق التنوع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على قطاع النفط؛ و تسهيل التدفقات البينية للتجارة في البضائع والخدمات، وللأشخاص ورأس المال فيما بين البلدان الأعضاء في "الإسكوا" من أجل تعزيز تكاملها الإقليمي وغيرها من التدابير. 
 
ومن جهته، اعتبر ابراهيم سيف أنّ التقرير يحمل ثلاث رسائل عالمية، فيما يخص الاقتصاد العالمي وكيفية التعامل معه. "الرسالة الأولى تتعلق بتداعيات الأزمة المالية العالمية على الدول النامية وكيف تعاملت هذه الدول مع الأزمة، وأثر الأزمة على بعض هذه الدول التي لن تتمكن من تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في الموعد المقرر" وتابع سيف قائلاً "أما الرسالة الثانية، فتتعلق ببعض الحلول المقترحة للتعامل مع هذه الأزمة، وهي، بالإضافة إلى السياسات التي قدمها صفوت وطرحتها "الإسكوا"، ما يتعلق بسياسات سعر الصرف وعمليات التدفقات المالية والنقدية بين الدول وأثرها في تعميق هذه الأزمة". والرسالة الثالثة بحسب سيف تتعلق "بالبعد البيئي أو ما يعرف بديمومة التنمية، وتتعلق أيضا بقدرة الدول على تحقيق نوع من التوازن ما بين سياسة التنمية الاقتصادية من جهة والسياسات البيئية من جهة أخرى، وبمن يتحمّل المسؤولية في هذا الجانب إذا أردنا التحدث على المدى الطويل".
 
وجاء في التقرير أن وضع ضوابط مالية أكثر فعالية لتنظيم عمليات الأسواق المالية، وزيادة فعالية الإشراف على هذه العمليات، هما أمران لا غنى عنهما للحيلولة دون تكرار حدوث الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الراهنة. ولكن من الأهمية بالقدر ذاته إصلاح النظام النقدي والمالي الدولي بهدف تخفيض نطاق المكاسب التي تُجنى من المضاربة بالعملات وتجنُّب الاختلالات التجارية الكبيرة.
 
ويشير خبراء الاقتصاد في الأونكتاد إلى أن رفع الضوابط التنظيمية عن الأسواق المالية هو السبب الرئيسي للأزمة المالية والاقتصادية العالمية. فغياب الضوابط التنظيمية قد سمح بابتداع غير منضبط لأدوات مالية أفضت إلى جعل العلاقات بين الدائنين والمدينين علاقات يكتنفها الغموض واستتبعت عمليات مخاطرة تفتقر إلى الشعور بالمسؤولية.
 
ويذهب تقرير التجارة والتنمية لعام 2009 إلى أنّ تخفيف التغيرات المناخية لا يتعارض مع الأهداف الإنمائية بل إنه يشكل عملية تغيير هيكلي على نطاق العالم تتيح فُرصاً اقتصادية هائلة لتعزيز التنمية. ويتيح مؤتمر كوبنهاغن المعني بتغير المناخ المقرر عقده في كانون الأول/ديسمبر 2009 فرصة جديدة لكي تنخرط جميع البلدان في إطار دولي فعال لوضع سياسات تهدف إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة والحد من الاحترار العالمي. ويقول التقرير إنه لكي تستطيع البلدان النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية أن تستفيد من هذه الفرص السانحة، لا يمكن أن يُترك لقوى السوق وحدها إحداث التغييرات الهيكلية الضرورية، بل يجب وضع سياسات صناعية استباقية تتيح الارتباط بالسوق المتنامية بسرعة ﻟ "التكنولوجيا الخضراء" و"السلع البيئية".
 
arrow-up icon
تقييم