افتُتحت بعد ظهر اليوم الدورة الـ29 للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) على المستوى الوزاري في العاصمة القطرية، الدوحة، بكلمات شدّدت على أهمية العمل لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة وخطة العام 2030، لا سيّما في ظل الأوضاع الراهنة في المنطقة العربية.
وقد شهدت الجلسة الافتتاحية حضوراً واسعاً ورفيع المستوى لوزراء وكبار المسؤولين من البلدان الأعضاء في الإسكوا، وممثلين عن منظمات الأمم المتحدة وبرامجها إلى جانب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة غير الأعضاء في الإسكوا. كما شارك في الافتتاح حشدٌ من الرسميين من الدولة المضيفة والسلك الدبلوماسي المعتمد لديها وممثلون عن المنظمات غير الحكوميّة الإقليميّة والدوليّة والمؤسسات والهيئات المانحة ومجموعة من الخبراء الإقليميين والدوليين.
وقد تكلّم في الجلسة الافتتاحية كلّ من وكيل وزير الخارجية للشؤون الدولية في مملكة البحرين الدكتور عبد الله آل خليفة؛ ونائب الأمينة التنفيذية للإسكوا الدكتور عبدالله الدردري الذي تلا رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون الموجّهة إلى الدورة؛ ووزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة قطر السفير سلطان المريخي؛ ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا الدكتورة ريما خلف.
آل خليفة
وفي كلمته التي أشاد فيها بدور الإسكوا في تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، قال الدكتور عبد الله آل خليفة: "مملكة البحرين بصدد إنشاء جائزة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه في مجال دعم الشباب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة والمزمع تدشينها خلال منتدى الشباب الذي سينظم يومي 30 و31 يناير 2017 في الأمم المتحدة بنيويورك، كما أن مملكة البحرين سوف تحتضن مؤتمر الشباب الدولي بعنوان "التنمية المستدامة وتمكين الشباب لتحقيق أهدافها" وبمشاركة 1200 شاباً من مختلف أقطار العالم، وكذلك المؤتمر الوزاري الاقليمي "لتنفيذ اهداف التنمية المستدامة للأبعاد المتعلقة بالشباب" واللذين سيعقدان خلال شهر مارس 2017".
ثم أضاف:" بدأت مملكة البحرين في العمل على تحقيق أجندة أهداف التنمية المستدامة 2030 قبل صدورها بفترة من الزمن. خاصة وأن المملكة كانت قد أنهت أهداف الألفية الإنمائية قبل عام 2015".
وأشار إلى أنّ: "التحديات الصعبة التي تشهدها المنطقة العربية أدّت إلى تداعيات اقتصادية أثّرت على معظم دول المنطقة (...) كل ذلك يتطلب منا تقييماً وإعادة نظر للسياسات الإنمائية التي سادت لفترة من الزمن، وإحلال بدلاً عنها خطط إنمائية جديدة تتكون من دراسات وخطط ورؤية شاملة يتم تنفيذها بشكل جاد وملزم حتى يمكن الوصول إلى تنمية مستدامة شاملة تحقّق رغبات كافة المستويات والفئات وضمان إشراكهم في صنع القرار على جميع الأصعدة وتهيئتهم لممارسة حرياتهم والمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية".
وقال: "الرؤية الاقتصادية 2030 لمملكة البحرين التي أُطلقت في العام 2008 تركّز على صياغة الرؤية الاقتصادية الخاصة بالحكومة والمجتمع والاقتصاد مستندة في ذلك إلى ثلاثة مبادىء توجيهية أساسية هي الاستدامة والعدالة والتنافسية. وقد بدأ مجلس التنمية الاقتصادية بعد إطلاقه الرؤية الاقتصاية 2030 برنامجاً مستمراً للإصلاحات الاقتصادية والمؤسسية كجزء من تلك الرؤية".
ولفت إلى أنّ مملكة البحرين قد :"أنشأت هيئة "تمكين" كإحدى مبادرات مشروع الاصلاح الوطني ورؤية البحرين الاقتصادية 2030. وأوكلت إليها مهمة تطوير القطاع في مملكة البحرين وجعله المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي. وتهدف "تمكين" إلى تحقيق هدفين رئيسيين أولهما عملية تأسيس وتطوير المؤسسات، وثانيهما توفير الدعم لتحسين إنتاجية ونمو الأفراد والمؤسسات".
وختم قائلاً إن هيئة "تمكين" قامت حتى شهر سبتمبر 2016 بضخّ أكثر من 800 مليون دينار بحريني (حوالي 2 مليار دولار أمريكي) في القطاع الخاص البحريني من خلال برامجها المختلفة ووصل عدد المستفيدين المستهدفين من أفراد لبرامج هيئة "تمكين" إلى 100 ألف فرد و35 ألف مؤسسة وطنية.
بان
وفي رسالته الموجّهة إلى الدورة، التي تلاها نائب الأمينة التنفيذية للإسكوا الدكتور عبدالله الدردري، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون إن المنطقة العربية تضمّ لاجئين ونازحين بفعل النزاعات، إن في العراق أو سوريا أو اليمن وهم من أكثر الناس تعرضاً للخطر. وكذلك شعب فلسطين الذين عانى من الاحتلال العسكري وما زال يسعى وراء حقوقه الفردية والجماعية.
وأشاد بان بدور الإسكوا في المنطقة العربية في إسداء المشورة في قطاعات متعددة وتوفير الدعم الفني لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
وختم قائلاً إن الدول العربية التي تعاني من تحديات كالنزاعات وانعدام الأمن المائي والغذائي وخروقات لحقوق المرأة وتزايد عدم المساواة والفقر، تدرك أكثر من غيرها أهمية الترابط بين الاقتصاد والبيئة والسلام. كما أنها في موقع فريد يمكّنها من أن تبعث رسالة إلى العالم بأن لا رفاه من دون عدالة واحترام كامل لحقوق الانسان والسلام.
المريخي
ثم ألقى وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة قطر السفير سلطان المريخي كلمة رحّب فيها بضيوف دولة قطر وقال: "إنّ من الدروس المستفادة من تجربة الأهداف الإنمائية للألفية، أنّ تلية متطلبات تنفيذ خطة التنمية المستامة للعام 2030، لن تتم على أكمل وجه دون الارتكاز على شراكة عالمية لخلق البيئة الدولية والإقليمية المواتية للتنمية، مع مراعاة اختلاف قدرات البلدان ومستويات التنمية فيها واحترام السياسات والأولويات والملكيات الوطنية. لذا، فإن تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة يتطلّب حشد الوسائل اللازمة. فالهدف الإنمائي السابع عشر شدد على أهمية تعزيز تعاون دولي فعال لخلق شراكات حقيقية، تستند إلى روح التضامن العالمي والإقليمي، وإلى إشراك الحكومات الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني وأفراد المجتمع، مع ضرورة الاحترام الكامل لحقوق الإنسان. كما يتطلب تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، تشجيع الابتكار وتبادل أفضل الممارسات والحلول الإنمائية الناجحة، واستحداث الآليات المناسبة للرصد والمتابعة والتقييم أثناء التنفيذ، بما يقلل التكاليف ويضمن الوصول إلى النتائج المرجوة".
وإذ لفت إلى أنّ دولة قطر تؤمن إيماناً راسخاً بأنّ الحق في التنمية هو من الحقوق الأساسية للإنسان غير القابلة للتصرف، قال: "راعى دستور دولة قطر تكافؤ الفرص في التنمية كأحد دعامات الحكم الرشيد، وهو السبيل الأمثل لبناء المجتمعات المسالمة والمتكاملة، حيث أنّ حقوق الإنسان والأمن والتنمية هي عوامل متكاملة وتؤثّر في بعضها بعضاً، من أجل تحقيق الازدهار لكافة البشر".
وأضاف: "إننا في دولة قطر نولي اهتماماً كبيراً بتنمية المجتمع والأفراد، حيث أولى حضرة صاحب السمو الأمير المقدى اهتماماً خاصاً بتحقيق مرتكزات رؤية قطر الوطنية 2030، من التنمية الاقتصادية، التنمية الاجتماعية، التنمية البشرية، والتنمية البيئية، والتي تتماشى مع الأهداف الإنمائية العالمية المتفق عليها".
وختم قائلاً:" وبالإضافة لجهود دولة قطر في أجندة حفظ السلم والأمن الدوليين من خلال نشاطها المتصاعد في منظومة الأمم المتحدة، فإننا نساهم لحد كبير في التنمية الدولية وفي التخفيف من وطاة الحروب والنزاعات على المدنيين وذلك عبر المساعدات الإنسانية، والمشاريع الإنمائية في كثير من مناطق النزاعات والاحتلال، حيث ناهزت أنشطتنا الإنمائية والإغاثية 15 مليار ريال في أكثر من مائة دولة خلال الخمس سنوات الأخيرة".
خلف
وفي كلمتها، قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا الدكتورة ريما خلف: "نجتمع اليوم وفي حلب إعدامات ميدانية للأسرى والمدنيين، ومنهم أطفال ونساء، في الشوارع، أو في بيوتهم، إن كانت بقيت لهم بيوت على يد "محرريهم" بين قوسين. فينضم هؤلاء الشهداء إلى مئات الآلاف من مواطني بلداننا الذين لقوا مصرعهم بالقصف الجوي أو السيوف أو بالمفخخات في كنائسنا وكاتدرائياتنا وجوامعنا وحسينياتنا (...) نجتمع والمحتل من بلادنا بعيد عن الاستقلال، والمستقل منها ليس بعيداً عن الاحتلال".
وأضافت خلف: "في ظل هذه الصعوبات التاريخية كلها، يطلق العالم سبعة عشر هدفاً جديداً للتنمية المستدامة". ثم قالت: "يتطلب تحقيق التنمية المستدامة في دول العالم تطويراً للسياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بينما يتطلب تحقيقها في منطقتنا العربية تغييراً شاملاً في النهج التنموي، وفي خياراتنا وسياساتنا". وأردفت أنّ "الحل لن يكون في سياسات ربما أثبتت جدواها في تحقيق النمو الاقتصادي، ولكنها أخفقت في أن تجعله مستداماً وشاملاً للجميع".
ثم لفتت الأمينة التنفيذية إلى أنّه "في منطقتنا، لا يمكن الفصل بين التنموي والسياسي. فإنهاء النزاعات والحروب الأهلية يجب أن يكون الأولوية القصوى حتى يكون ثمّة معنى لأي كلام عن التنمية وأي أمل فيها. والحروب لا تنتهي بوقف إطلاق النار، بل ببناء الشرعية والمقبولية لدى الناس. أما لشعبنا الفلسطيني الصامد لأكثر من نصف قرن تحت الاحتلال الإسرائيلي، فلا أمل في تحقيق أهداف خطة التنمية ما بقي الاحتلال قائماً. فالتنمية تعريفاً هي الحرية، والاحتلال حكماً هو نقيضها. والاحتلال الإسرائيلي لا يهدد الشعب الفلسطيني وحده. فما دام في المنطقة نموذج دولة نووية توسعية مؤسسة على فكرة النقاء الديني والعرقي، تمنح جنسيتها على أساس الدين، فإن هذه الدولة، إسرائيل، ستظل خطراً عاماً على جميع البلدان العربية. وخطر هذا النموذج لا يقتصر على الحكومات أو النخب فحسب، بل يتعداها لوجود الدول ذاتها ككيانات سياسية ودول لجميع مواطنيه".
ثمّ قالت إن: "خطة التنمية المستدامة هي خطة متكاملة لا تحتمل تجزئة ولا اجتزاءً. والهدف السادس عشر منها، عن الأمن والسلم والحوكمة الرشيدة، أساس لجميع الأهداف الأخرى، في العالم وفي المنطقة العربية. فلا أمن ولا تنمية دون حوكمة رشيدة. ولا تنمية دون مشاركة للجميع. ويبقى تحقيق أهداف التنمية منقوصاً من غير مشاركة المرأة بفعالية وقوة. فالتنمية في بعض بلداننا ما زالت تهمشها، إن لم يكن في مجال التعليم، ففي مجال المشاركة السياسية وفي سوق العمل. ونقطة البداية تكون في رصد حال المرأة في كل باب من أبواب التنمية المستدامة السبعة عشر، والتأكيد على دورها شريكة كاملة الحقوق، وتكريس هذا الدّور في السياسات الحكومية. وأيّ من الأهداف سيتعذر تنفيذه من دون قياسه ببيانات دقيقة ومتاحة على المستويين الوطني والإقليمي تمكّن من قياس الواقع للبناء عليه".
وأضافت خلف: "الإنسان هو لكل عمل تنموي البداية والمقصد. والنمو الاقتصادي المنشود هو ذلك الذي يؤدي إلى توليد فرص العمل، وتوفير شروط العمل اللائق، وتوسيع قاعدة التنمية الاقتصادية بحيث تشمل كل المناطق والقطاعات".
وختمت قائلة: "يقع على عاتقنا نحن، الذين شاركنا في وضع خطة التنمية لعام 2030، أن نسعى لتنفيذها ونحن مستغرقون في همّ مزمن لا يبارحنا، وهموم مستحدثة لا تترك لنا الكثير من الخيارات. علينا أن نخطوَ بين هذا الحطام التاريخي محاولين إنقاذ ما بقي لنا ولهذه الأمة من حياة وكرامة، لعلنا نصل إلى أيام أفضل".
وتتميّز الدورة الوزارية لهذا العام بعقد ثلاث حلقات حوار رفيعة المستوى تشارك فيها شخصيّات وزاريّة وفكريّة بارزة حول تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في الدول العربية، وهي تتناول بالتحديد مواضيع:
- تحديات تنفيذ الخطة على المستوى الوطني كتطوير البنية الإحصائية وإيجاد الموارد اللازمة للتنفيذ واعتماد نهج تكاملي بين السياسات القطاعية وغيرها؛
- تأثير النزاعات والاحتلال على تنفيذ الخطة؛
- دعم الدول الأعضاء في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة: وسائل وأدوات مقترحة.
وفي ختام الدورة، سوف يُصدر المشاركون فيها إعلاناً يركّز على تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في الدول العربية.
* *** *
للتواصل مع وحدة الإتصال والإعلام في الإسكوا:
السيد نبيل أبو ضرغم: 0096170993144
السيدة مران أبي زكي: 0096176046402
البريد الإلكتروني:
dargham@un.org
abi-zaki@un.org
escwa-ciu@un.org
لمزيدٍ من المعلومات والأخبار:
موقع الإسكوا الجديد على الانترنت: www.unescwa.org
فايسبوك : https://www.facebook.com/unescwa وتويتر:@ESCWACIU