كلام تابت جاء صباح اليوم في اللقاء الذي نظمته الإسكوا على هامش المنتدى العربي للتنمية المستدامة، الذي افتتح يوم أمس في بيت الأمم المتحدة في حضور وزاري رفيع، لإطلاق تقرير الأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة 2019 على المستوى الاقليمي. وكان التقرير قد أطلق من المقر العام للأمم المتحدة في نيويورك على المستوى الدولي منذ خمسة أيام.
وقد حضر لقاء الإسكوا مجموعة من الخبراء المعنيين بالتمويل والتنمية والاقتصاد والتجارة والبيئة بالإضافة إلى المدراء المعنيين في الإسكوا. كما شارك في اللقاء مدير شعبة التنمية والتكامل الاقتصادي الدكتور محمد مختار الحسن والمسؤول الاقتصادي في الشعبة سليم عراجي.
وفيما تتطلّب الجهود لتحقيق السلام زيادة في الدبلوماسية، تتطلّب الجهود المعنية بتحقيق التنمية المستدامة زيادة في التمويل وبأحجام لم يشهدها التاريخ من قبل. لذا، يعد التمويل التحدي الرئيسي الذي يواجه تنفيذ خطة عام 2030. وهناك ثماني رسائل بارزة تم استخلاصها من تقرير تمويل التنمية المستدامة 2019، إلى جانب الاستنتاجات الداعمة من تقييم الإسكوا لحالة التمويل في المنطقة العربية:
- تشهد المخاطر الجيوسياسية وغير الاقتصادية ارتفاعا بسبب تراجع توقعات النمو وتعديلها نحو الأسفل.
- لا يزال التقدم الاقتصادي متفاوتا عبر المناطق، ومقارنة بالأزمة المالية العالمية السابقة، لم تعد البلدان النامية تمتلك المساحة نفسها في تطبيق السياسات التي تحفز النمو المطرد والشامل.
- تظل تعبئة الموارد المحلية أولاً وقبل كل شيء نتيجة للنمو الاقتصادي. ومع ذلك، فإن زيادة الإيرادات من خلال فرض الضرائب يتطلب تطبيق الإرادة السياسية على السياسات الضريبية لضمان دعم "العقد الاجتماعي القائم على أهداف التنمية المستدامة" من خلال "ميثاق قائم على التمويل من أجل التنمية" يكون منصفا وشاملا مع مساهمات عادلة من الجميع.
- لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به فيما يتعلق بالسياسات المالية المرتبطة بالإيرادات والتي يجب أن تعالج التجنب / التهرب الضريبي وكبح التدفقات المالية غير المشروعة، والتي تشكل حسب الإسكوا ما بين 60 الى 77 مليار دولار أمريكي سنويا في المنطقة العربية.
- تعد نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل مما كانت عليه في عام 2008، حيث يتخذ أكثر من نصف إجمالي الاستثمارات العالمية شكل عمليات الدمج والاستحواذ، بدلاً من تمويل الاستثمارات الإنتاجية الجديدة والطويلة الأجل.
- يعاني النظام التجاري المتعدد الأطراف من أزمة خطيرة حيث تخضع بضائع بقيمة أكثر من نصف تريليون دولار للقيود التجارية، أي ما يتجاوز 7 مرات ما كانت عليه في العام الماضي. وبينما قام أعضاء منظمة التجارة العالمية بتنفيذ 162 من تدابير تيسير التجارة (ما قيمته 295.6 مليار دولار أمريكي)، تعد هذه فقط نصف قيمة ما نتج عن التدابير التي تم فرضها على التجارة الدولية (588.3 مليار دولار أمريكي).
- التزمت خمس دول فقط من أعضاء لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بالتقيد بهدف المساعدات التابع للأمم المتحدة المتمثل في توفير مساعدات إنمائية رسمية تعادل 0.7 في المائة من الدخل القومي الإجمالي. واليوم، يتم تخصيص ربع المساعدات الإنمائية الرسمية للإنفاق الإنساني مع التوجه لتغطية نفقات اللاجئين من هذه المساعدات، في حين كانت المساعدات الإنسانية تشكل أقل من السدس عام 2010.
- ارتفعت نسب الدين العام والخاص إلى مستويات تاريخية. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، ارتفع الدين العام للبلدان النامية من 36 ٪ في عام 2013 إلى 51 ٪ في عام 2018. وتواجه معظم البلدان الأقل نموا مخاطر عالية من أزمة الديون كما أن العديد من البلدان المتوسطة الدخل تعاني الان من مستويات ديون لم تشهدها منذ أزمات الديون في الثمانينات.
ماذا يعني كل هذا بالنسبة للمنطقة العربية؟
لا تزال آفاق التمويل من أجل التنمية في المنطقة العربية مضطربة. وهناك نتيجة مقنعة مستمدة من تحليل الإسكوا للتدفقات المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بتمويل التنمية والتي كشفت أنه، في المجمل، مقابل كل دولار أمريكي اكتسبته / حشدته المنطقة العربية من خلال قنوات مختلفة للتمويل، يخرج فعلياً 2.5 دولار أمريكي إلى مناطق أخرى من العالم، بما في ذلك إلى العديد من الاقتصادات ذات الدخل المرتفع.
وتعتبر إمكانات التمويل هشة حيث تواجه المنطقة مستويات متصاعدة من العنف والصراع وأكبر أزمة نزوح قسري منذ الحرب العالمية الثانية. ووفقًا للمسارات الحالية، من المقرر أن تستحوذ المنطقة على نصف الزيادة المتوقعة في مجال التمويل الإنساني العالمي بحلول عام 2030. فتكلفة النزاع ترتفع بلا هوادة مسببة خسائر في نشاط الاقتصادي العربي وأضرار جسيمة بالقدرات الإنتاجية تقدر من 747 الى 853 مليار دولار أمريكي.
ومن جانبه، يتسبب عدم التزام الدول المانحة بنسبة 0.7٪ للمساعدات الإنمائية الرسمية إلى تقويض إطار التمويل العالمي المباشر، خاصة في ظل القاعدة الجديدة حيث يتم تحويل أجزاء كبيرة من ميزانيات المساعدات (12٪ من مخصصات هذه المسعدات) لتغطية تكاليف اللاجئين الذين نزحوا الى هذه البلدان المانحة.
ولا تزال تعبئة الموارد المحلية تعتبر أقل من الإمكانات بالرغم من متابعة العديد من الإصلاحات لتوسيع القاعدة الضريبية وإزالة الإعفاءات الضريبية وغيرها من الإجراءات.
****
لمزيد من المعلومات:
نبيل أبو ضرغم، المسؤول عن وحدة الاتصال والإعلام: +96170993144 dargham@un.org
السيدة رانيا حرب، مسؤولة إعلامية مساعدة: +96170008879 harb1@un.org