تحت رعاية وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية السيدة سهير العلي، عقدت "إسكوا"، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان وبالتعاون مع المجلس الأعلى للسكان في المملكة الأردنية الهاشمية، اجتماع خبراء حول "صياغة إطار إقليمي يساعد على إدماج التحولات الديمغرافية في خطط وبرامج التنمية في الدول العربية" وذلك يومي 3 و 4 نيسان/أبريل 2007 في عمان.
وقد أتى هذا الاجتماع استكمالاًً لجهود "إسكوا" في مجال تكامل قضايا السكان مع التنمية ومن أهمها موضوع تكامل التحولات الديمغرافية في البنية العمرية للسكان مع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهدف إلى صياغة إطار استرشادي يشمل الخطوات الرئيسية المتعلقة بتكامل التغيرات الديمغرافية في عملية التنمية بحيث يمكن لهذا الإطار أن يكون مدخلاً منهجياً يساعد الباحثين على تحديد توقيت حدوث النافذة الديمغرافية، وتحليل الشروط والمتطلبات التي تعمل على تعظيم العوائد الاقتصادية والاجتماعية من هذه النافذة، وان يكون مرجعاً يسترشد به متخذي القرار في سعيهم لصياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتكاملة.
وقد تضمن الاجتماع عروضاً الكترونية لخصت الجوانب الأساسية للعلاقة بين التحولات الديمغرافية والتنمية. وقد أكدت العروض على الدور الريادي لـ"إسكوا" في تبني أجندة خاصة ترتبط بمراقبة التحولات البنيوية التي تفرزها مراحل التنمية المختلفة في المنطقة. كما أكدت الطروحات التي قدمتها "إسكوا" على أهمية الانتقال من النهج الضيق الذي يختزل المسألة السكانية باعتبارها مسألة تزايد أعداد مما يستوجب ضبط هذا التزايد في ظل انخفاض في المصادر المتاحة، إلى نهج واسع يضمن تكامل الجوانب الكمية والنوعية للسكان في رسم وتنفيذ ورصد وتقييم جميع السياسات والبرامج المتصلة بالتنمية المستدامة والإنصاف الاجتماعي والحد من الفقر.
وقد قام المشاركون، وهم من أصحاب الكفاءات العالية في مجالات علم السكان والاقتصاد والاجتماع والديمغرافيا، بتقديم الخبرة والمشورة العلمية والعملية حول دراسة أعدتها "إسكوا" تحت عنوان "التحولات الديمغرافية وطرق تكاملها مع عملية تخطيط وصياغة برامج التنمية في المنطقة العربية“ واعتمدت في إعدادها على استعراض وتحليل أهم النماذج النظرية والقياسية التي يمكن الاستعانة بها في عملية التخطيط وإعداد البرامج التنموية المتكاملة. وتميز الاجتماع بتوزيع المشاركين على أربع مجموعات حسب خبراتهم لمناقشة المكونات الأساسية لهذه الدراسة وإبداء الرأي بالجوانب النظرية والنماذج القياسية وواقعية النموذج المقترح ومدى كفاءته في صياغة سياسات اجتماعية وسكانية متكاملة في المنطقة العربية.
وقد أكدت المجموعة الأولى على أهمية الإسهاب في تناول الجوانب النظرية خاصة تلك التي تم صياغتها في ضوء تجارب عملية لبلدان شرق آسيا حيث تمكنت هذه الدول من توظيف التحول الديمغرافي في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي، وتثمير عوائد هذا التحول في مجال تنمية الموارد البشرية وخلق رأس المال البشري الذي أصبح فيما بعد أحد الشروط الأساسية للتهيؤ لهذه الفرصة الديمغرافية. وأكدت المجموعة الثانية على ضرورة مراجعة نماذج قياسية إضافية تتميز بقابليتها المتناهية في استيعاب عدد كبير من المتغيرات التي تسمح بإجراء توقعات اقتصادية مختلفة في ضوء التغيرات الديمغرافية المرتقبة. كما تم التأكيد على أهمية إضافة بعض دول الإنتاج المحسنة التي يمكن أن تستوعب متغيرات مثل السكان، والقوى العاملة، والتعليم والتدريب، وذلك في ضوء سيناريوهات مختلفة للإنتاجية ومستويات مختلفة من التكنولوجيا وارتباطاً بمعدلات منخفضة للبطالة على غرار النماذج الحديثة المقترحة من قبل المراكز العلمية العالمية. أما المجموعة الثالثة، فقد أكدت على ضرورة اختبار النموذج المقترح على الصعيد الوطني، واستشراف إمكانية ربط الإطار العام المقترح بالأهداف الإنمائية للألفية باعتبار أن التغيرات الديمغرافية لها أبعاد كمية ونوعية مرتبطة بتحقيق هذه الأهداف. وأثنت المجموعة الرابعة على التوصيات الواردة في ورقة العمل، وقدمت المقترحات البناءة بشان المتطلبات والشروط التي يجب توفرها كي تتمكن "إسكوا" من ترجمة هذه التوصيات إلى برنامج عمل يساهم في الإسراع بعملية التكامل وتوفير التدريب على التحليل الديمغرافي وتعزيز القدرات الوطنية.
وقد مثل "إسكوا" في الاجتماع كل من السيد فرانسوا فرح، رئيس إدارة التنمية الاجتماعية، الذي قدم عرضاً مرئياً حول "إدماج الديناميات السكانية بتخطيط تنموي وسياسة اجتماعية متكاملة"، والسيدة بتول شكوري، رئيس فريق السكان والسياسات الاجتماعية، التي قدمت عرضاً مرئياً حول "تجربة إسكوا في مجال تكامل القضايا والمتغيرات السكانية مع عملية التخطيط للتنمية".
وفي الختام، أكد المشاركون على ضرورة استمرار "إسكوا" في عملها الريادي في مجال التحول الديمغرافي واستشعار تبعات هذا التحول، وتوفير الشروط الداعمة على صعيد العالم العربي من ترويج للمفاهيم وتدريب على الطرق القياسية وبناء القدرات الوطنية بما يضمن عدم إضاعة الفرصة التي تتيحها هذه التحولات في تحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية وسياسية تخدم الأهداف التي خرجت بها المؤتمرات الدولية وعلى وجه الخصوص الأهداف الإنمائية للألفية.