بيروت، 17 كانون الثاني/يناير 2022—من المتوقع أن يستمر الانتعاش الاقتصادي في منطقة غربي آسيا لا سيّما في الدول المصدّرة للنفط بسبب الزيادة المرتقبة في الإنتاج، وذلك بحسب تقديرات تقرير الأمم المتحدة السنوي حول "الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم لعام 2022"، الذي تمّ إطلاقه اليوم.
وفي ظل الموجات الجديدة لجائحة كوفيد-19، يواجه التعافي الاقتصادي العالمي تحدّيات جمّة في سوق العمل وسلاسل الإمداد وارتفاع معدلات التضخم. ومن المحتمل أن ينمو الناتج العالمي بنسبة 4% في عام 2022 و3.5% في عام 2023 بعد أن كان قد ارتفع معدله بنسبة 5.5% عام 2021.
ومع تفشّي متحوّر أوميكرون الذي أدى إلى ارتفاع عدد الإصابات، يُتوقّع أن تزداد الخسائر البشرية والأعباء الاقتصادية للجائحة. في هذا الإطار، حذّر ليو زنمين، وكيل الأمين العام للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، أنه في حال عدم الاتفاق على نهج لاحتواء الجائحة، ستبقى العائق الأبرز أمام تحقيق انتعاش شامل ومستدام للاقتصاد العالمي.
آفاق النمو في منطقة غربي آسيا
وفي المنطقة، سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا يقدّر بحوالي 4.7% في عام 2021 بعد أن انكمش بنسبة 3.4% عام 2020. ويعود السبب وراء الانتعاش الاقتصادي إلى ارتفاع الطلب المحلي. وفي النصف الثاني من عام 2021، استفادت دول المنطقة من استئناف الأنشطة الاقتصادية نتيجة التخفيف من وطأة التدابير لاحتواء الجائحة والتقدم المحرز في حملات التطعيم.
ومع ذلك، فإن النمو المقدّر للناتج المحلي الإجمالي في عام 2021 كان متواضعًا في مناطق إنتاج النفط، وخصوصًا الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي أي الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والسعودية، وعُمان، وقطر والكويت. وفي ظل تحسّن المؤشرات الاقتصادية بسبب تعافي أسعار الطاقة، ارتفع معدل انتاج النفط في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل طفيف نتيجة تنسيق سياسات الإنتاج الذي فرضته منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك). وتقدر مساهمة قطاع النفط في نمو الناتج المحلي الإجمالي قليلة مقارنة بمساهمة القطاع غير النفطي الذي يتعافى بسرعة.
وعلى الرغم من قدرة الأردن مثلاً على التكيّف، شهد انتعاشًا بطيئًا بسبب ركود صادرات قطاع الخدمات والسياحة تحديدًا في عام 2020. أما في لبنان، فقد ازداد تدهور الوضع الاقتصادي مع تفاقم الأزمة المالية. أما في سوريا واليمن، فأعاقت النزاعات المسلحة مسار التعافي الاقتصادي.
إلى ذلك، من المتوقع أن ينمو اقتصاد المنطقة بنسبة 4.8% في عام 2022 حيث ستتمكّن الدول المصدرة للنفط من العودة إلى معدلات الانتاج التي سجّلتها ما قبل الجائحة جرّاء التخلّص التدريجي المحتمل من تنسيق سياسات الانتاج في منظمة "أوبك بلاس". وستساهم عودة السياحة العالمية في دعم المزيد من التعافي الاقتصادي.
أما في البلدان غير المصدرة للنفط ذات الدخل المتوسط والمنخفض، فلا يزال الانتعاش هشًّا، ما يؤشّر إلى ازدياد الفجوة الاقتصادية بين البلدان في المنطقة.
المخاطر وتحديات السياسات
لا يزال النمو في المنطقة يواجه مخاطر ناجمة عن التوترات الجيوسياسية والبطالة المرتفعة. فالصراع الذي طال أمده في كلّ من سوريا وفلسطين واليمن يبرّر أسباب الانتعاش غير المتكافئ في المنطقة وهي بلدان كانت تعاني أساسًا من أوضاع اقتصادية صعبة قبل انتشار الجائحة.
وتظل معدلات البطالة المرتفعة من بين أهمّ التحديات الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة حيث من المحتمل أن تتقلّص فرص العمل في المنطقة نتيجة عمليات ضبط أوضاع المالية العامة لوضع حد لزيادة أحجام الديْن العام.